ولقد حدّث الطبراني عن أكثر من ألف شيخ ، سمع منهم وروى عنهم ، منفردا أو مع آخرين ، هذا فضلا عن مشائخه الذين درس عليهم وعرف بهم. ولا غرابة في ذلك لبدئه في طلب العلم وعمره ثلاث عشرة سنة ؛ ثم لطول عمر حيث عاش أكثر من مائة سنة ، فعمر مبارك بدأه بطلب العلم من السّنة ، وختمه بتفسير القرآن الكريم على ما يترجّح عندنا ، حيث النضوج في التعامل مع النص ، والخبرة المستفادة ، وسعة الاطلاع.
قال ابن الدمياطي : (قال أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن : سليمان بن أحمد الطبرانيّ أشهر من أن يدلّ على فضله وعلمه ، حدّث بأصبهان ستين سنة. فسمع منه الآباء ثم الأبناء ثم الأسباط حتى لحقوا بالأجداد ؛ وكان واسع العلم ، كثير التصانيف. وقيل : ذهبت عيناه في آخر أيامه ، فكان يقول : الزنادقة سحروني) (١).
وسمع منه خلق كثير ، وحدّث عنه بعض شيوخه ، منهم أبو خليفة وهو الفضل ابن الحبّاب الجمحي ، قال الذهبيّ : (مسند عصره بالبصرة ، وكان ثقة عالما. مات سنة (٣٠٥) من الهجرة) (٢). ومنهم أيضا ابن عقدة وهو أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفيّ ، حافظ العصر ، والمحدّث البحر.
كما حدّث عنه من تلامذته الكثير ، منهم الحافظ أبو بكر بن مردويه ، وأبو نعيم الحافظ الكبير ، صاحب الحلية ، وأبو الفضل أحمد بن محمد الجارودي ، وأبو الحسين بن فادشاه المعتزليّ.
وأبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني التاجر بن ريذة مسند أصبهان ، وهو راوية أبي القاسم الطبراني ، وآخر من روى عنه وأخذ الإجازة منه ، قال يحيى بن منده : (ثقة أمين ، كان أحد وجوه الناس ، مكرما لأهل العلم ، حسن الخط ، يعرف طرفا من النحو واللغة ، توفي في شهر رمضان (٤٤٠) من الهجرة).
__________________
(١) الذيل : ج ١١ ص ٩١.
(٢) ميزان الاعتدال : ج ٣ ص ٣٥٠. وتذكرة الحفاظ : ج ٢ ص ٦٧٠.