في فتنة المغول حين استغلوا الخلاف بين المذهبين وأضعفوهما (١).
٣. لم يغير أهل أصفهان مذهبهم حتى زمن الشاه إسماعيل ، يقول المؤرخ ميرزا حسن الأنصاري : (إن مذهب أهل السنة والجماعة كان هو المذهب الرسمي السائد في أصفهان إلى بدية القرن العاشر الهجري سنة (٩١٠) ، وإن كان البويهيون قد ادعوا مذهب التشيع ... ثم قال : في سنة (٩٠٦) هجرية فتح الشاه إسماعيل الصفوي العراق وجعل أهل السنة شيعة علنا ، وارتفع خلاف الشافعية والحنفية منذ ذلك التاريخ ، ولكن حل محله اختلاف الفرقة الحيدرية والنعمتية) (٢). وعلى هذا كان الإمام الطبراني يعيش أجواء طلب العلم والانفتاح على الرأي الآخر من مذاهب أهل السنة ، ويدور فقهيا كغيره في دائرة الشافعية أو الأحناف ، ولو لا موقفه في التفسير بنسبة الرأي الذي يتبناه إلى الأحناف لما علم مذهبه.
٤. انسجم الإمام الطبراني مع مناخ أصفهان الفكري والفقهي ، فنجد عامل أصفهان أبو علي بن أحمد بن محمد بن رستم الذي شغفه حب العلماء يستقبل الطبراني عند قدومه المرة الثانية سنة (٣١٠) هجرية (ويسهل له البقاء بأصبهان ، فيكرمه بتعيين معونة معلومة يقبضها من دار الخراج ، وتستمر حتى حين وفاته بها) (٣).
٥. لم يصرح الإمام الطبراني بمذهبه الفقهي كغيره من علماء زمانه ، إلا للضرورة البحثية كما في التفسير ، فمذهب أصفهان السائد في ذاك الوقت بل في إيران مذهب الشافعية والأحناف من أهل السنة (٤) ، فتبنى مذهب الأحناف على ما يترجح عنده بالدليل ، حيث لا نجده يتعصب لرأي ، بل يسلك منهج العلماء في
__________________
(١) قاله علي كلباسي في اقتصاد شهر أصفهان : ص ٢٠١ ، ونقله البلوشي في مقدمته : ج ١ ص ٥٧.
(٢) كتاب تاريخ أصفهان : ج ١ ص ٣٨. وأصل العبارة بالفارسية ترجم ألفاظها البلوشي كما في مقدمته : ج ١ ص ٥٨.
(٣) سير أعلام النبلاء : ج ١٠ ص ٦٦.
(٤) أنظر : معجم البلدان : ج ١ ص ٦٠٩ لياقوت. وكتاب اقتصاد شهر أصفهان : ص ٢١٠ للدكتور علي كلباسي. وطبقات المحدثين بأصبهان : ج ١ ص ٢.