بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد
تفسير «سورة النّمل»
وهي مكّية
(طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٥)
قوله تعالى : (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) تقدّم القول في الحروف المقطّعة ، وعطف الكتاب على القرآن وهما لمسمّى واحد ؛ من حيث هما صفتان لمعنيين ، فالقرءان : لأنه اجتمع ، والكتاب : لأنه يكتب ، «وإقامة الصلاة» : إدامتها وأداؤها على وجهها.
وقوله تعالى : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أي : جعل سبحانه عقابهم على كفرهم أن حتّم عليهم الكفر ، وحبّب إليهم الشرك وزيّنه في نفوسهم. والعمه : الحيرة والتردّد في الضلال. ثم توعّدهم تعالى بسوء العذاب ؛ فمن ناله منه شيء في الدّنيا بقي عليه عذاب الآخرة ، ومن لم ينله عذاب الدّنيا كان سوء عذابه في موته وفي ما بعده.
(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩)
وقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) تلقّى : مضاعف لقي يلقى ، ومعناه تعطى ، كما قال : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت : ٣٥].
وهذه الآية ردّ على كفّار قريش في قولهم : إنّ القرآن من تلقاء محمّد ؛ و (مِنْ لَدُنْ) معناه : من عنده ؛ ومن جهته. ثم قصّ ـ تعالى ـ خبر موسى ؛ حين خرج بزوجه ؛ بنت شعيب عليهالسلام يريد مصر ، وقد تقدّم في «طه» قصص الآية.
وقوله : (سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ ...) الآية ، أصل الشهاب :