بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله
تفسير «سورة القصص»
وهي مكّيّة
إلّا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) فإنّها نزلت بالجحفة في وقت هجرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ؛ قاله ابن سلام وغيره ، وقال مقاتل : فيها من المدني : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) إلى قوله (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ).
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (٦) وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩)
قوله تعالى : (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى ...) الآية ، معنى (نَتْلُوا) : نقصّ وخصّ تعالى بقوله (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) من حيث إنهم هم المنتفعون بذلك دون غيرهم ، و (عَلا فِي الْأَرْضِ) أي : علوّ طغيان وتغلّب ، و (فِي الْأَرْضِ) يريد أرض مصر ، والشيع : الفرق ، والطائفة المستضعفة : هم بنو إسرائيل ، (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) خوف خراب ملكه على ما أخبرته كهنته ، أو لأجل رؤيا رآها ؛ قاله السدي (١). وطمع بجهله أن يردّ القدر ، وأين هذا المنزع من قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعمر : «إن يكنه
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٧) رقم (٢٧١٦٠) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٧٦)