بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله
تفسير سورة فاطر
وهي مكيّة
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٤)
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ / الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي) ٨٢ أ(أَجْنِحَةٍ ...) الآية (رُسُلاً) معناه : بالوحي وغير ذلك من أوامره سبحانه ، كجبريل وميكائيل وعزرائيل رسل ، والملائكة المتعاقبون رسل وغير ذلك ، و (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ألفاظ معدولة عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، عدلت في حالة التنكير فتعرّفت بالعدل فهي لا تنصرف للعدل والتعريف ، وقيل : للعدل والصفة ، وفائدة العدل الدّلالة على التكرار لأنّ مثنى بمنزلة قولك : اثنين اثنين.
قال قتادة : إنّ أنواع الملائكة هم هكذا منها ما له جناحان ؛ ومنها ما له ثلاثة ، ومنها ما له أربعة ، ويشذّ منها ما له أكثر من ذلك ، وروي (١) : أنّ لجبريل ـ عليهالسلام ـ ستّ مائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق إلى المغرب.
وقوله تعالى : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) تقرير لما يقع في النفوس من التعجّب عند الخبر بالملائكة أولي الأجنحة ، أي : ليس هذا ببدع في قدرة الله تعالى ، فإنّه يزيد في الخلق ما يشاء؟ وروي عن الحسن وابن شهاب أنّهما قالا : المزيد هو حسن الصوت (٢) ،
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣٩٣) برقم (٢٨٩٢٣) ، وذكره البغوي (٣ / ٥٦٤) ، وابن عطية (٤ / ٤٢٩) ، والسيوطي (٥ / ٤٥٨) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٢) ذكره البغوي (٣ / ٥٦٤) ، وابن عطية (٤ / ٤٢٩) ، وابن كثير (٣ / ٥٤٦) ، والسيوطي (٥ / ٤٥٩) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن الزهري.