بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
صلى الله على سيدنا ومولانا محمد ، وعلى آله وسلّم
تفسير سورة الفرقان
[وهي] (١) مكّيّة في قول الجمهور
(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً) (٣)
قوله تعالى : (تَبارَكَ) هو مطاوع «بارك» من البركة ، و «بارك» فاعل من واحد ، ومعناه : زاد ، و «تبارك» : فعل مختصّ بالله تعالى ، لم يستعمل في غيره ، وهو صفة فعل ، أي : كثرت بركاته ، ومن جملتها : إنزال كتابه الذي هو الفرقان بين الحقّ والباطل.
والضمير في قوله : (لِيَكُونَ) ، قال ابن زيد (٢) : هو لمحمد صلىاللهعليهوسلم وهو عبده المذكور ، ويحتمل أن يكون للفرقان.
وقوله : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) عامّ في كل مخلوق ، ثم عقّب تعالى بالطعن على قريش في اتخاذهم آلهة ليست لها صفات الألوهيّة. والنشور : بعث الناس من القبور.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٦)
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني : قريشا (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ) : محمد ، (وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) تقدمت الإشارة إلى ذلك في سورة النحل ، ثم أكذبهم الله تعالى ، وأخبر أنّهم
__________________
(١) سقط في ج.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٦٣) رقم (٢٦٢٦٩) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٩٩)