و (يَعْدِلُونَ) يجوز أن يراد به : يعدلون عن طريق الحقّ ، ويجوز أن يراد به يعدلون بالله غيره ، أي : يجعلون له عديلا ومثيلا ، و (خِلالَها) معناه : بينها ، والرواسي : الجبال ، والبحران : الماء العذب والماء الأجاج ؛ على ما تقدم ، والحاجز : ما جعل الله بينهما من حواجز الأرض وموانعها على رقّتها في بعض المواضع ، ولطافتها ؛ لو لا قدرة الله لغلب المالح العذب.
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٦٦)
وقوله سبحانه : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ...) الآية ، وعن حبيب بن مسلمة (١) الفهري ؛ وكان مجاب الدعوة ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمّن بعضهم إلّا أجابهم الله تعالى» (٢) ، رواه الحاكم في «المستدرك» ، انتهى من «سلاح المؤمن» ، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه» (٣) رواه الترمذيّ ؛ وهذا لفظه. قال «صاحب السلاح» : ورواه الحاكم في «المستدرك» وقال : مستقيم الإسناد ، انتهى. و (السُّوءَ) عامّ في كل ضرّ يكشفه الله تعالى عن عباده ، قال ابن عطاء الله : ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ، ولا أسرع بالمواهب لك مثل الذلّة والافتقار ، انتهى. و «الظلمات» عام ؛ لظلمة الليل ؛ ولظلمة الجهل والضلال ، والرزق من
__________________
(١) في أ : مسلمة.
(٢) أخرجه الحاكم (٣ / ٣٤٧) ، والطبراني في «الكبير» (٤ / ٢١ ـ ٢٢) رقم (٣٥٣٦) كلاهما من طريق أبي عبد الرحمن المقري : ثنا ابن لهيعة ، حدثني ابن هبيرة ، عن حبيب بن مسلمة الفهري به.
وقال الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٢٠) : رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة ، وهو حسن الحديث.
(٣) أخرجه الترمذيّ (٥ / ٥١٧ ـ ٥١٨) كتاب الدعوات : باب (٦٦) حديث (٣٤٧٩) ، وابن حبان في «المجروحين» (١ / ٣٦٨) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤ / ٣٥٦) من طريق صالح المري عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذيّ : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.