٧٠ ب ص : وقيل : يعود على الكتاب / على تقدير مضمر ، أي : من لقاء مثله ، أي : آتيناك مثل ما آتينا موسى ، والتأويل الأول هو الظاهر ، انتهى. والمرية : الشكّ ، والضمير في (جَعَلْناهُ) : يحتمل أن يعود على الكتاب أو على موسى ؛ قاله قتادة.
وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ...) الآية ، حكم يعم جميع الخلق ، وذهب بعضهم إلى تخصيص الضمير وذلك ضعيف.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) (٣٠)
وقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ) معناه يبيّن ؛ قاله ابن عباس ، والفاعل ب (يَهْدِ) هو الله ؛ في قول فرقة ، والرسول في قول فرقة ، وقرأ أبو عبد الرحمن (١) : «نهد» ـ بالنون ـ وهي قراءة الحسن وقتادة ، فالفاعل الله تعالى ، والضمير في (يَمْشُونَ) يحتمل أن يكون للمخاطبين أو للمهلكين ، و (الْجُرُزِ) : الأرض العاطشة التي قد أكلت نباتها من العطش والقيظ ؛ ومنه قيل للأكول جروز. وقال ابن عباس (٢) وغيره : (الْأَرْضِ الْجُرُزِ) : أرض أبين من اليمن وهي أرض تشرب بسيول لا بمطر ، وفي «البخاري» : وقال ابن عباس : (الْجُرُزِ) : التي لم تمطر إلا مطرا لا يغني عنها (٣) شيئا. انتهى.
ثم حكى سبحانه عن الكفرة أنهم يستفتحون ؛ ويستعجلون فصل القضاء بينهم وبين الرسل على معنى الهزء والتكذيب ، و (الْفَتْحِ) : الحكم ، هذا قول جماعة من المفسرين ، وهو أقوى الأقوال.
__________________
(١) وقد قرأ بها علي بن أبي طالب ، وابن عباس رضي الله عنهما.
ينظر : «مختصر شواذ» ابن خالويه ص ١١٩ ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٣٦٥)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٥٢) رقم (٢٨٣٠٥) بنحوه ، وذكره البغوي بلفظ «هي أرض باليمن» ، وابن عطية (٤ / ٣٦٦) ، وابن كثير (٣ / ٤٦٤) ، والسيوطي (٥ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٥٢) رقم (٢٨٣٠٩) ، وذكره ابن كثير (٣ / ٤٦٤) ، والسيوطي (٥ / ٣٤٣) ، وعزاه للفريابي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.