مليك على عرش السماء مهيمن |
|
لعزّته تعنو الوجوه وتسجد (١) |
انتهى.
ت : وأحاديث الشفاعة قد استفاضت ، وبلغت حدّ التواتر ، ومن أعظمها شفاعة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى ففي «صحيح مسلم» ، من حديث أبي سعيد الخدريّ قال : فيقول الله عزوجل : «شفعت الملائكة ، وشفع النّبيّون ، وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلّا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النّار ، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قطّ ، قد عادوا حمما ، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنّة» وفيه : «فيخرجون كاللّؤلؤ ، في رقابهم الخواتم ، يعرفهم أهل الجنّة هؤلاء عتقاء الله الّذين أدخلهم الجنّة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدّموه ...» (٢) / الحديث ، وخرج أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم الختلي بسنده عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا فرغ الله تعالى من القضاء بين خلقه ، أخرج كتابا من تحت العرش ؛ أنّ رحمتي سبقت غضبي ، وأنا أرحم الراحمين ، قال : فيخرج من النّار مثل أهل الجنّة ، أو قال : مثلي أهل الجنّة ، قال : وأكبر ظنّي أنّه قال : مثلي أهل الجنّة ، مكتوب بين أعينهم : عتقاء الله». (٣) انتهى من «التذكرة».
(وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) ، معنى خاب : لم ينجح ، ولا ظفر بمطلوبه ، والظلم يعمّ الشرك والمعاصي ، وخيبة كلّ حامل بقدر ما حمل من الظلم.
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١١٢)
وقوله سبحانه : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) معادل لقوله : (مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) والظلم والهضم : هما متقاربان في المعنى ، ولكن من حيث تناسقا في هذه الآية ؛ ذهب قوم إلى تخصيص كل واحد منهما بمعنى ، فقالوا : الظلم : أن تعظم عليه سيّئاته ، وتكثر أكثر مما يجب.
والهضم : أن ينقص من حسناته ، ويبخسها.
وكلهم قرأ : «فلا يخاف» على (٤) الخبر غير ابن كثير ؛ فإنه قرأ : «فلا يخف» على النهي.
__________________
(١) ينظر : «ديوانه» (٢٩) ، وهو من شواهد «البحر» (٣ / ٥٠١) ، و «الدر المصون» (٢ / ٥٣٧) ، (٥ / ٥٧)
(٢) تقدم تخريج هذا الحديث.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦) ، وعزاه لابن مردويه عن ابن عباس.
(٤) ينظر : «السبعة» (٤٢٤) ، و «الحجة» (٥ / ٢٥١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٥٧) ، ولكنه أثبتها بالتاء الفوقية ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٥٩) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٥٢) ، و «العنوان» (١٣٠) ، و «شرح شعلة» (٤٩٦) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٢٥٧).