أما حديث عبادة بن الصامت فقد حملوه على نفي الكمال ، كقوله : «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» (١).
وأما حديث : «فهي خداج» فقالوا فيه : هو يدلّ لنا ، لأن الخداج : الناقصة ، وهذا يدل على جوازها مع النقصان ، لأنّها لو لم تكن جائزة لما أطلق عليها اسم النقصان ، لأنّ إثباتها ناقصة ينفي بطلانها ، إذ لا يجوز الوصف بالنقصان لما لم يثبت منه شيء.
أما سبب اختلاف من أوجب قراءتها في الكل أو في البعض فما في الضمير في قوله : «لا صلاة لمن لم يقرأ فيها» من احتمال عوده على كل أجزاء الصلاة أو بعضها.
الأحكام التي تؤخذ من الفاتحة
قد أسلفنا أن (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)) على تأويل قولوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)) بدليل قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فإنه على تأويل قولوا : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) حتما ، فعلمنا أن الأمر وهو (قولوا) مضمر في ابتداء السورة أيضا ، وذلك يقضي أن الله أمرنا بفعل الحمد ، وعلمنا كيف نحمده ، وكيف نثني عليه ، وكيف ندعوه.
ومما يؤخذ منها من آداب الدعاء أنه ينبغي أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ليكون ذلك أدعى إلى الإجابة ، إذ إن الله قدّم حمده والثناء عليه بقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)) على الدعاء وهو قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)) ا. ه.
__________________
(١) رواه الدار قطني في سننه (١ / ٣٢١) وهو ضعيف.