ثالثها : ذوو القربى والمراد بها قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد اختلف في ذوي القربى : فقيل : هم قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بني هاشم ، وقيل : هم قريش كلها ، وقيل : هم بنو هاشم وبنو المطلب وهو الراجح ، فقد أخرج ابن جرير (١) عن جبير بن مطعم قال : لما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب مشيت أنا وعثمان بن عفان رضي الله عنه فقلنا : يا رسول الله! هؤلاء إخوتك بنو هاشم ، لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم ، أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا ، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة ، فقال : «إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» ثم شبّك رسول الله يديه إحداهما بالأخرى.
وقيل : إن سهم ذوي القربى طعمة لرسول الله ـ هذا كله إذا كان رسول الله حيا ـ فأما بعد وفاته ، فقد اختلف العلماء في سهمه وسهم ذوي قرباه ، فقيل : يصرفان في معونة الإسلام وأهله وفي الخيل والسلاح.
وقيل : هما للإمام من بعده روي عن قتادة أنه سئل عن سهم ذوي القربى ، فقال : كان طعمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ما كان حيّا فلما توفي جعل لولي الأمر من بعده. وقال العراقيون : سهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مردود في الخمس ، والخمس مقسوم على ثلاثة أسهم على اليتامى والمساكين وابن السبيل ، ويقال لهم : سهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سقط بموته فما الذي أسقط سهم ذوي القربى ولا يلزم من سقوط حق أحد المستحقين سقوط الآخرين.
وقال بعضهم : سهم النبي لقرابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقال قائلون : سهم القرابة لقرابة الخليفة ، ثم اجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله ، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وكأنّهما كانا يريان أنّ سهم ذوي القربى كان طعمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته ، وهو لا يورث (٢) فجعلا هذين السهمين في سبيل الله.
رابعها : اليتامى ، وهم أطفال المسلمين الذين هلك آباؤهم.
خامسها : المساكين ، وهم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين.
سادسها : ابن السبيل ، وهو المجتاز سفرا قد انقطع به.
وقد خالفت المالكية هذه الأقوال المتقدمة جميعها ، ورأوا أنّ خمس الغنيمة
__________________
(١) في تفسيره جامع البيان المشهور بتفسير الطبري (١٠ / ٥).
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٣ / ١٣٨٠) ، ٣٢ ـ كتاب الجهاد ، ١٦ ـ باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا نورث» حديث رقم (١٧٥٢) ، والبخاري في الصحيح (٨ / ٤) ، ٨٥ ـ كتاب الفرائض ، ٢ ـ باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا نورث» حديث رقم (٦٧٢٥).