النحر ، ولكنّ هذا الحديث ضعيف قال فيه الإمام أحمد : لم يسمعه ابن أبي حسين من جبير بن مطعم ، وأكثر روايته عن سهو.
وقال البيهقي إنه من رواية سليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ، عن جبير ، ولم يدركه ، ورواه من طرق ضعيفة متصلا.
٥ ـ ظاهر قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها) وجوب الأكل من الهدايا ، لكنّ هذا الظاهر غير مراد ، فإنّ السلف متفقون على أنه لا يجب الأكل من شيء من الهدايا ، إذ غاية ما أفاده هذا الأمر أنه رفع ما كان عليه أهل الجاهلية من التحرج عن الأكل من الهدايا ، فأباح الأكل منها ، أو ندب إليه ، لقصد مواساة الفقراء ، ومواساتهم في الأكل. فالأمر إما للإباحة أو للندب.
ثم إنّ جواز الأكل من الهدايا ليس عاما في كل هدي ، فإنّ دم الجزاء لا يجوز الأكل منه اتفاقا ، ودم التطوع يجوز الأكل منه اتفاقا أيضا. أما دم القران والتمتع فقال الشافعية : إنه دم جبر ، فلا يجوز الأكل منه ، والحنفية يقولون : إنه دم شكر ، فأباحوا الأكل منه ، والظاهر يشهد لهم ، فإنّ الآية فيها ترتيب قضاء التفث على الذبح والطواف ، ولا دم تترتب عليه هذه الأفعال إلا دم المتعة والقرآن فإن سائر الدماء يجوز ذبحها قبل هذه الأفعال وبعدها ، فثبت أنّ المراد في الآية دم المتعة والقران. هذا وقد ثبت أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أكل من البدن التي ساقها في حجة الوداع ، وقد كان قارنا على ما هو الراجح.
ونصّ الفقهاء على أنه يلحق بالأكل الانتفاع بجلودها وأصوافها ، كما أنّه يجوز إطعام الأغنياء منها ، فإنّ الآية أباحت لصاحب الذبيحة أن يأكل منها ، ولو كان غنيا ، ومتى جاز له أن يأكل وهو غني جاز أن يؤكل غنيا.
٦ ـ ظاهر قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) وجوب إطعام الفقراء من الهدايا ، وبهذا الظاهر أخذ الشافعيّ ، فأوجبوا إطعام الفقراء منها. وقال أبو حنيفة : إنه مندوب ، لأنها دماء نسك ، فتتحقق القربة فيها بإراقة الدم ، أما إطعام الفقراء فهو باق على حكمه العام.
٧ ـ في الاقتصار على الأكل والإطعام دلالة على أنّه لا يجوز بيع شيء من الهدايا ، ويشهد لذلك ما روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال : أمرني النبي صلىاللهعليهوسلم أن أقوم على بدنه فقال اقسم جلودها وجلالها ، ولا تعط الجازر منها شيئا (١).
__________________
(١) ما رواه مسلم في الصحيح (٢ / ٩٥٤) ، ١٥ ـ كتاب الحج ، ٦١ ـ باب الصدقة حديث رقم (٣٤٨ / ١٣١٧) ، والبخاري في الصحيح (٢ / ٢٢٦) ، ٢٥ ـ كتاب الحج ، ١٢٠ ـ باب لا يعطي الجزار من الهدي حديث رقم (١٧١٦).