للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة ، وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم» قيل : يا رسول الله وما حسنات الحرم. قال : «الحسنة مئة ألف حسنة» (١).
٣ ـ وفي قوله جل ذكره : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) دلالة على جواز التجارة في الحج ، روي عن مجاهد أنه قال : المنافع التجارة ، وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة. وروي مثل ذلك عن ابن عباس ، وقد نص الفقهاء على أنّ التجارة جائزة للحاج من غير كراهة ، إذا لم تكن هي المقصودة من السفر.
٤ ـ استدلّ المالكية بقوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) على أنّ ذبح الهدي لا يجوز ليلا ، لأنّ الله جعل ظرف النحر هو الأيام لا الليالي ، وأنت تعلم أنّ اليوم كما يطلق على النهار يطلق على مجموع النهار والليل ، وغير المالكية يرى كراهة الذبح ليلا ، لاحتمال الخطأ فيه بسبب الظلمة.
وقد اختلف العلماء في المراد بالأيام المعلومات ، فذهب الإمام مالك وأبو يوسف ومحمد إلى أنها أيام النحر ، وهي العاشر من ذي الحجة ، واليومان بعده ، وهو مروي عن علي وابن عمر.
وقال الإمامان أبو حنيفة والشافعي : الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة ، وهي معلومات لأنّ شأن المسلمين أن يحرصوا على معرفتها ، ويتحرّوا هلال ذي الحجة لما يقع في ذلك من المناسك العظيمة ، ولعلهم يقولون : إنّ المراد بالذكر ما يشمل التسمية على الذبائح وغيرها من الحمد والشكر والتكبير ، وعلى هذا ينبغي أن تكون (على) في قوله جلّ شأنه (عَلى ما رَزَقَهُمْ) للتعليل كما في قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [البقرة : ١٨٥].
ثم اختلف في أيام النحر ، فالحنفية والإمام مالك قالوا : إنها ثلاثة أيام : العاشر وما بعده ، وهو مروي عن جمع من الصحابة ، منهم : عمر وعلي ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وأنس ، وكثير من التابعين.
وقال الشافعي : إنها أربعة العاشر وما بعده. وقيل : إلى هلال المحرم ، ولعل المذهب الأول أرجح ، لأنّ بقية الأقوال لم ينقل ما يؤيّدها عمن يسامي أولئك الصحابة والتابعين.
وقد احتج لمذهب الشافعي بما روى البيهقي عن جبير بن مطعم أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال في حديث : «وكلّ أيام التشريق ذبح» ولا شك أنّ أيام التشريق ثلاثة بعد يوم
__________________
(١) انظر ما رواه السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٤ / ٣٥٥).