ثم اختلفوا على أنّ الربع هو المراد بالآية. وعن ابن مسعود والحسن الثلث. وعن ابن عمر السبع. وعن قتادة العشر.
وقال الشافعي : لم تقدّر الآية الشيء الذي يؤتيه المولى ، فيكفي في الخروج من عهدة الطلب أن يؤتيه أقلّ متمول ، وفي حكمه حط شيء من مال الكتابة ، بل الحط أولى من الإيتاء ، لأنّه المأثور عن الصحابة ، ولأنه في تحقق المقصود من الكتابة أقرب من الإيتاء.
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : قال مالك : سمعت بعض أهل العلم يقول : إنّ ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ، ثم يضع عنه من آخر كتابه شيئا مسمّى. قال مالك : وذلك أحسن ما سمعت ، وعلى ذلك أهل العلم وعمل الناس عندنا.
ثم اختلف هؤلا في الإيتاء : أهو على سبيل الفرض والتحتيم أم على سبيل الندب والاستحباب؟
فقال سفيان الثوري وطائفة من العلماء : إنّه ليس بواجب ، وإن يفعل ذلك حسن.
وذهب الشافعي إلى أنّ الإيتاء واجب ، وفي معناه الحط كما تقدم ، لأنّ ظاهر الأمر في الآية الوجوب ، ولا صارف عنه.
وقال جماعة من العلماء : إنما هذا أمر متوجه إلى الناس كافة أن يعطوا المكاتبين سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات المفروضة بقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ) [التوبة : ٦٠] وهذا هو مذهب الحنفية ، وحكاه أبو بكر بن العربي عن مالك. وظاهر أنّ الأمر حينئذ يكون للوجوب.
وقيل : إنّه أمر ندب للمسلمين عامة بإعانة المكاتبين بالتصدق عليهم.
وقيل إنه أمر للموالي أن يقرضوا المكاتبين شيئا من أموالهم لاستثماره في التجارة ونحوها إعانة لهم على أداء مال الكتابة.
الإكراه على البغاء
قال الله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الفتيات : جمع فتاة ، وكلّ من الفتى والفتاة كناية مشهورة عن العبد والأمة في أيّ سن كانا.
والبغاء : زنى النساء.
والتحصن : التعفف عن الزنى.