واستحقاق تعظيمهن ، وأما في غير ذلك ، فهنّ أجنبيات ، فلا يقال لبناتهم أخوات المؤمنين ، ولا يحرمن على المؤمنين.
ومن أجل هذا قالت السيدة عائشة لمن قالت لها يا أمه : أنا أمّ رجالكم لا أم نسائكم.
ثم الظاهر ، أنّ المراد من أزواجه كل من وقع عليها اسم الزوج ، سواء من طلّقها ومن لم يطلقها ، فيثبت الحكم للجميع ، فلا يحل نكاح أحد منهنّ حتى المطلقة ، وقيل لا يثبت هذا الحكم لمن فارقها عليه الصلاة والسلام في الحياة ، كالمستعيذة (١) ، وصحح إمام الحرمين وغيره قصر التحريم على المدخول بها فقط.
وقد روي أن الأشعث بن قيس نكح المستعيذة في زمن عمر رضي الله عنه فهم برجمه فأخبره أنها لم تكن مدخولا بها فكف عنه. وفي رواية أنّه همّ برجمها ، فقالت : ولم هذا؟ وما ضرب عليّ حجاب ، ولا سميت للمسلمين أمّا ، فكفّ عنها.
وأما التي اختارت الدنيا منهنّ حين نزلت آية التخيير الآتية فقد ذكر بعض العلماء أنّ الخلاف الذي سمعت يجري فيها كذلك.
واختار الرازي والغزالي القطع بالحل.
(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) الظاهر أنّ المراد بأولي الأرحام ذوو القرابات مطلقا ، سواء كانوا أصحاب فروض أم عصبات أم ذوي أرحام. فالمراد من الآية الكريمة أنّ أصحاب القرابة أيّا كان نوعها أولى من غيرهم بمنافع بعض ، أو بميراث بعض ، على ما سيأتي من القول فيه.
وقوله : (فِي كِتابِ اللهِ) المراد منه ما كتبه في اللوح المحفوظ ، أو ما أنزله في القرآن من آية المواريث وغيرها ، كآية الأنفال ، أو المراد بكتاب الله ما كتبه وفرضه وقدّره ، سواء أكان ذلك الفرض في القرآن أو في غيره.
قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) يحتمل أن يكون راجعا إلى أولي الأرحام والمعنى : وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين بعضهم أولى ببعض في النفع أو في الميراث ، وقد قال بجواز هذا صاحب «الكشاف» (٢). ويحتمل أن يكون قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) متعلقا بأولي ، والمعنى : وأولو الأرحام بعضهم أولى من المؤمنين والمهاجرين بنفع بعض ، أو بميراث بعض ، ويكون هذا إبطالا لما كان في صدر الإسلام من التوارث بالهجرة والنصرة ، على نحو ما جاء في آخر سورة الأنفال من
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح (٦ / ٢٠٠) ، ٦٨ ـ كتاب الطلاق ، ٣ ـ باب من طلّق حديث رقم (٥٢٥٥).
(٢) انظر الكشاف للإمام الزمخشري (٣ / ٥٢٤).