رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء بلا إله إلا الله وصدق به هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيضا بلغه إلى الخلق ، وقيل : الذي جاء بالصدق هو جبريل عليه الصلاة والسلام جاء بالقرآن وصدق به محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقيل : الذي جاء بالصدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصدق به أبو بكر رضي الله تعالى عنه وقيل وصدق به المؤمنون وقيل الذي جاء بالصدق الأنبياء وصدق به الأتباع. وقيل : الذي جاء بالصدق أهل القرآن وهو الصدق يجيئون به يوم القيامة وقد أدوا حقه فهم الذين صدقوا به (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) أي الذين اتقوا الشرك (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي من الجزاء والكرامة (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) أي في أقوالهم وأفعالهم (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) أي يستره عليهم بالمغفرة (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أي يجزيهم بمحاسن أفعالهم ولا يجزيهم بمساويها.
قوله عزوجل : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم وقرئ عباده يعني الأنبياء عليهم الصلاة السلام قصدهم قومهم بالسوء فكفاهم الله تعالى شر من عاداهم (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) وذلك أنهم خوفوا النبي صلىاللهعليهوسلم مضرة الأوثان وقالوا لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢))
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ) أي منيع في ملكه (ذِي انْتِقامٍ) أي منتقم من أعدائه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) يعني أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم ، وذلك متفق عليه عند جمهور الخلائق فإن فطرة الخلق شاهدة بصحة هذا العلم فإن من تأمل عجائب السموات والأرض وما فيها من أنواع الموجودات علم بذلك أنها من ابتداع قادر حكيم ثم أمره الله تعالى أن يحتج عليهم بأن ما يعبدون من دون الله لا قدرة لها على جلب خير أو دفع ضر وهو قوله تعالى : (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الأصنام (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ) أي بشدة وبلاء (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ) أي بنعمة وخير وبركة (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) فسألهم النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فسكتوا فقال الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) أي هو ثقتي وعليه اعتمادي (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي عليه يثق الواثقون (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي اجتهدوا في أنواع مكركم وكيدكم وهو أمر تهديد وتقريع (إِنِّي عامِلٌ) أي بما أمرت به من إقامة الدين (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) أي أنا وأنتم (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي دائم وهو تهديد وتخويف (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) يعني القرآن (لِلنَّاسِ بِالْحَقِ) أي ليهتدي به كافة الخلق (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) أي ترجع فائدة هدايته إليه (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي يرجع وبال ضلالته عليه (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي لم توكل بهم ولا تؤاخذ عنهم قيل هذا منسوخ بآية القتال.
قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) أي الأرواح (حِينَ مَوْتِها) أي فيقبضها عند فناء أكلها وانقضاء أجلها