وهذا التعريف ـ فى رأيى ـ غير جلى ولا واضح ، وكذلك لم يصرح بالغرضين الأهمين ، اللذين نزل لهما القرآن ، وهما : كونه كتاب الهداية البينة ، التى هى أوضح الهدايات وأقومها ، والتى لو اتبعها البشر لحققت لهم السعادتين ، الدنيوية ، والأخروية. وكونه الكتاب السماوى المعجز ، فهو المعجزة العظمى ، والآية الكبرى ، الباقية على وجه الدهر ، لنبينا المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم.
وقال الزركشى : التفسير علم يفهم به كتاب الله ، المنزّل على نبيّه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه ، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو ، والتصريف ، وعلم البيان ، وأصول الفقه ، والقراءات ، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ (١).
ومن العلماء من أوجز فى التعريف ، فقال : هو علم يبحث فيه أحوال القرآن الكريم ، من حيث دلالته على مراد الله تعالى ، بقدر الطاقة البشرية (٢).
والمراد بأحوال القرآن الكريم ، من حيث كونه كتاب الهداية الأقوم ، وكتاب العربية الأكبر ، والمعجزة الخالدة للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم.
هكذا فهم العلماء الأقدمون مضمون علم التفسير وعرّفوه .. وتاريخ تفسير القرآن الكريم زاخر بمئات الدراسات التى قام بها هؤلاء العلماء الدارسون ، فى عصور متتابعة. حول تفسير آياته ، والكشف عما فيها من أسرار البيان التعبيرى ، من إعجاز ، وما فيها من أحكام ومعان ، ومبادىء فى العقيدة والتشريع ، والحكمة والاجتماع ، وغيرها مما لا ينتهى القول فيه.
__________________
(١) البرهان فى علوم القرآن ج ١ / ١٣ بحث التفسير.
(٢) منهج الفرقان فى علوم القرآن ج ٢ ص ٦.