٣ ـ وروى ابن إسحاق ، عن محمد بن كعب القرظى ، أنه ذكر لعمر ابن عبد العزيز ـ وهو خليفة ـ فقال له عمر : إن هذا الشىء ما كنت أنظر فيه ، وإنى لأراه كما قلت. ثم أرسل إلىّ رجلا كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان من علمائهم ، فسأله : أى بنى إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال : إسماعيل ..
والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، وهذا هو الحق الذى يجب أن يصار إليه.
قال ابن كثير معلقا : «والذى استدل به محمد بن كعب القرظى ، على أنه إسماعيل أثبت وأصحّ وأقوى والله أعلم» (١)
ويضيف العلامة ابن القيّم : «ولا خلاف بين النسّابين أن عدنان من ولد إسماعيل عليهالسلام ، و «إسماعيل» هو القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحاق فباطل من عشرين وجها ، وقد نقل ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية فى هذا الموضوع تحليلا دقيقا ، جاء فيه :
«هذا القول متلقى عن أهل الكتاب مع أنه باطل بنص كتابهم ، فإن فيه : (إن الله أمر إبراهيم بذبح ابنه (بكره) وفى لفظ (وحيده) ، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن (إسماعيل) هو بكر أولاده ـ أى أوّلهم.
والذى غرّ هؤلاء : أنه فى التوراة التى بأيديهم : (إذبح ابنك إسحاق) ، قال : وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم لأنها تناقض قوله : (اذبح بكرك ووحيدك). ولكن اليهود حسدت بنى إسماعيل على هذا الشرف ، وأحبّوا أن يكون لهم ، وأن يسوقوه إليهم ، ويختاروه لأنفسهم دون العرب ، ويأبى الله إلّا أن يجعل فضله لأهله.
__________________
(١) تفسير ابن كثير للآيات ، وانظر تفسير البغوى ٧ / ١٠٦