* ومن الطبيعى أن يؤيد المستشرقون ما جاء عن اليهود ، ويفلسفوه بطريقتهم المعهودة .. وقد بنوا فكرتهم وفلسفتهم على عامل هام ، وهو اعتقادهم بعدم ظهور نبوة عند العرب قبل النبى المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، بيد أن هذا الأمر لم يخف على المؤرخين والباحثين المسلمين ، الذين أدركوا ذلك ، وكشفوا آثار الأيدى الدخيلة المضللة ، المزيفة للحياة الدينية للعرب الجاهلين ، إذ نجد فى رواياتهم إشارات عديدة إلى ذلك.
فإلى بعض الأحبار (اليهود) نسبوا انتشار اليهودية فى اليمن ودخول بعض تبابعتها فى هذا الدين.
وإلى افتيموس نسبوا دخول النصرانية إلى اليمن.
وإلى أثر الحيرة فى بعض أهل مكة من قريش عزوا دخول الزندقة فى مكة ، وفى نواحى عديدة من الجزيرة العربية ، بعضهم أرسلهم القياصرة للتبشير ، ولم يكن ذلك التبشير خالصا لوجه الله والدين ، وإنما كان يخفى وراءه غايات سياسية وتجارية هى أهم درجة ، ومنزلة للقياصرة من الدين. (١)
ـ والذى يلوح لنا الآن ، أن هؤلاء المستشرقين قد بنوا رأيهم على فكرة خاطئة وهى ـ كما قلنا ـ عدم ظهور نبوّة عند العرب الجاهليين ، إذ أن المعروف عند الأكثرين منهم أن النبوة كانت احتكارا خاصا ببنى إسرائيل ، وأن العرب لم تعرف نبيّا قبل الرسول صلىاللهعليهوسلم :
ولكن القرآن الكريم يخالف هذا الرأى ويفنّد مزاعمه :
فسيدنا (هود) عليهالسلام نبى عربى أرسل إلى قوم عرب من العرب
__________________
(١) د. جواد على : تاريخ العرب قبل الإسلام ٦ / ٣٥٧