* وقوله تعالى : (فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) [القصص : ٨١] أى ما أغنى عنه ماله ولا جمعه ولا خدمه ولا حشمه ، ولا دفعوا عنه نقمة الله وعذابه ونكاله ، ولا كان هو فى نفسه منتصرا لنفسه ، فلا ناصر له من نفسه ، ولا من غيره.
وهكذا جاءت نهاية قارون الأليمة ، مؤيدة لما ذهب إليه العلم والبصر بالدنيا والآخرة ، فخسف الله بقارون وبداره وبماله وبجموعه الأرض ، فما كان له فئة ينصرونه من دون الله ، ويمنعون عنه بأس الله وبطشه ، حيث لم يعمل عملا صالحا يقربه من الله ، ولم يحصّن ماله بالصدقة والزكاة ، ولم يتقرب إلى الله بترك الكفر ، ولم يتواضع إلى الناس بترك الغرور والغطرسة .. ولهذا كله كانت النتيجة أن ضاعت دنياه ، وخسف الله به الأرض ، والله على كل شىء قدير ، وبعباده خبير بصير ، (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ) ـ أى الذين لما رأوه فى زينته قالوا (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ)
فلما خسف به أصبحوا يقولون (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) أى ليس المال بدالّ على رضا الله عن صاحبه ، فإن الله يعطى ويمنع ، ويضيق ويوسع ، ويخفض ويرفع ، وله الحكمة التامة ، والحجة البالغة ، وهذا كما فى الحديث المرفوع عن ابن مسعود : «إنّ الله قسّم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطى المال من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطى الايمان إلّا من يحب».
نعم الله وحده هو الذى يعطى ويمنع ، ويبسط الرزق لمن يشاء ويقتر ، فلم يعط إنسانا لعقله وعلمه ، ولم يحرم آخر لجهله وسوء رأيه ، بل الأمر كله لله.
وإذا كان ذلك كذلك ـ فالواجب هو امتثال أمر الله ومخالفة النفس الأمارة بالسوء ، وترك الغرور والتكبر ، فإن الأمر بيد الله ، وهو صاحب الأمر ،