* ثم قال : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ كما قال فى الآية الأخرى : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ، هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل : ٩٠] وهذا مقام الفضل والعدل.
وخلاصة المعنى : تلك الدار الآخرة وما فيها نعيم مقيم دائم ، لا تعب ولا مشقة معه يجعلها ربك للذين لا يريدون علوا فى الأرض على غيرهم ، ولا يريدون فسادا ، والعاقبة للمتقين.
وتأمل قول الحق سبحانه : (لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) حيث علّق الوعد بترك إرادة العلو ، والفساد ، وميل القلب إليها ، لا بفعلها مبالغة فى تحذير المؤمنين ، وإبعادهم عن هذه الأمراض الخطيرة ، التى تبيد الأمم ، وتهلك الأفراد والجماعات.
ولا غرابة فى ذلك كله ، فإن هناك قانونا وسنة لا تتخلّف هى : من جاء بالحسنة فله خير منها أى ثواب خير منها وهو عشر أمثالها ، والله يضاعف لمن يشاء. ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلّا مثلها فقط ، جزاء عمله ، وربك ذو فضل عظيم ، إذ لا يجزى بالسيئة إلا مثلها ، ويجزى بالحسنة عشرة أمثالها ، إن ربك واسع المغفرة.