مع الإضافة وتركها (١) اسم فاعل من أوهنته ووهنته إذا جعلته ضعيفا.
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩))
قوله (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا) نزل خطابا لأهل مكة على سبيل التهكم حين قال أبو جهل وأصحابه : اللهم انصر أعز الجندين إليك وأهدى الفئتين في دينك (٢) ، فاستجيب دعاؤهم على أنفسهم ، أي إن تطلبوا الفتح حين قلتم ذلك متعلقين بأستار الكعبة والقضاء بالحق (فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) أي النصر وهو القتل من المؤمنين (وَإِنْ تَنْتَهُوا) عن الكفر وقتال الرسول عليهالسلام (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) من الإقامة عليهما (وَإِنْ تَعُودُوا) لقتاله مع الكفر (نَعُدْ) لنصره ، فقتل أبو جهل وغيره من أصحابه المشركين حيث لم ينتهوا (وَلَنْ تُغْنِيَ) أي لا تنفع قط (عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) أي جماعتكم (شَيْئاً) من النصرة (وَلَوْ كَثُرَتْ) في العدد (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) [١٩] بكسر «إن» على معنى الاستئناف ، وهو الأوجه ، وقرئ بالفتح (٣) بتقدير لكفركم وعداوتكم ، ولأن الله معين المؤمنين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠))
قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) نزل حثا للمؤمنين على طاعة الرسول وامتثال أمره في الحرب معه والصلح في أمر الغنيمة وغير ذلك (٤)(وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) أي لا تعرضوا عن الرسول ، لأن طاعته طاعة الله (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) [٢٠] المواعظ (٥) في القرآن.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١))
قوله (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا) بآذاننا (وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) [٢١] بقلوبهم ، نزل في الذين لم يفهموا الحق ولم يتفكروا فيما سمعوا وهم المنافقون من بني عبد الدار ، فانه لم يسلم منهم إلا رجلان (٦).
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢))
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ) أي كل ما يتحرك على وجه الأرض (عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ) عن استماع الحق (الْبُكْمُ) أي الخرس (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) [٢٢] الحق ولا يتكلمونه عند سماعهم إياه وكانوا يقولون نحن صم بكم عما جاء به محمد ، أي لا نسمعه ولا نجيبه ، فقتلوا جميعا في حرب أحد.
(وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣))
(وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ) أي في هؤلاء الصم البكم من الحق بعلم الأزل (٧)(خَيْراً) أي انتفاعا (لَأَسْمَعَهُمْ) أي لخلقهم سامعين بلطفه بهم سماع المصدقين ، ثم قال مستأنفا (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) أي لو لطف بهم فرضا حال كونه عالما أن لا خير فيهم فسمعوا وصدقوا (لَتَوَلَّوْا) أي لارتدوا بعد ذلك ولما نفع فيهم اللطف (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [٢٣] الواو للحال ، أي معرضين عن الإيمان عنادا فلم يستقيموا فيما سمعوا لعلمه تعالى عاقبتهم على خلافه واستحالة أن يقع غير ما علمه تعالى.
__________________
(١) «موهن كيد» : قرأ نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو بفتح الواو وتشديد الهاء وتنوين النون ونصب دال «كيد» ، وقرأ الشامي وشعبة والأخوان ويعقوب وخلف بسكون الواو وتخفيف الهاء وتنوين النون ونصب دال «كيد» ، وقرأ حفص بسكون الواو وتخفيف الهاء وحذف التنوين وخفض دال «كيد». البدور الزاهرة ، ١٢٩.
(٢) عن السدي والكلبي ، انظر الواحدي ، ١٩٧ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ١٢ ؛ والكشاف ، ٢ / ١٦١.
(٣) «وأن» قرأ المدنيان والشامي وحفص بفتح همزة «وأن» ، والباقون بكسرها. البدور الزاهرة ، ١٢٩.
(٤) لعله اختصره من الكشاف ، ٢ / ١٦١.
(٥) المواعظ ، ب م : الموعظة ، س.
(٦) عن ابن عباس ، انظر البغوي ، ٢ / ٦١٥.
(٧) الأزل ، ب م : الأزلي ، س.