تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠))
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ) أي اتخذوا العدة لقتالهم (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) أي مما (١) يتقوى به في الحرب من السلاح وكثرة العدد ، في محل النصب حال من «ما» بمعنى الذي ، قال عليهالسلام : «ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي» (٢) وفي خبر آخر زيادة «لهو المؤمن في الخلاء وقوته عن القتال» (٣) ، وقال : «من ترك الرمي بعد ما علمه فقد كفر» (٤) أو «عصى» (٥)(وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) أي وأعدوا أيضا من احتباس الخيل الذكور والإناث للغزو ، والرباط اسم للخيل التي تربط (٦) ، وأصل الربط الشد ، والمختار الإناث لقلة صهيلها ، وخص الخيل بالذكر تفضيلا لها ، قال عليهالسلام : «الخيل معقود بنواصيها الخير ـ أي ـ الأجر والمغنم إلى يوم القيامة» (٧)(تُرْهِبُونَ) أي تخوفون ، في محل النصب حال من فاعل «أَعِدُّوا» (بِهِ) أي بالقوة والسلاح (عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) وهم كفار مكة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) أي وتخوفون قوما آخرين من غيرهم كاليهود والنصارى وأهل فارس (لا تَعْلَمُونَهُمُ) أي لا تعرفونهم (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) أي يعلمهم فيعرفهم إياهم فأعدوا لهم أيضا بالإنفاق في تحصيله من القوس والسلاح ، قوله (٨)(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) شرط (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في دين الإسلام ، جزاؤه (يُوَفَّ) أي يكمل (٩)(إِلَيْكُمْ) ثوابه (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) [٦٠] بنقض ثواب أعمالكم.
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١))
(وَإِنْ جَنَحُوا) أي مالوا (لِلسَّلْمِ) بكسر السين وفتحها (١٠) ، أي إلى الصلح وهي مؤنثة كنقيضها الحرب لقوله (فَاجْنَحْ لَها) أي مل إليها ، قيل : هذا إذا لم يكن للمسلمين قوة القتال وأما إذا كانت فينبغي أن يقاتلوهم حتى يسلموا إو يعطوا الجزية إن لم يكونوا من العرب ، وإنما لم توضع الجزية على العرب لرفع (١١) الكفر من أنساب النبي عليهالسلام ، لأن العرب كلهم من نسبه بالقتل أو بالإسلام (١٢)(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي ثق بالله ولا تخف من ميلهم إلى الصلح ، فالله حافظك فلا يخذلك (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوالك وأقوالهم (الْعَلِيمُ) [٦١] بأحوالك وأحوالهم من نقض العهد وغيره.
(وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢))
(وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) بأن يكيدوك بالصلح وهم بنو قريظة من اليهود أرادوا أن يصالحوك لتمتنع عن قتالهم رجاء أن يصل بهم مشركوا العرب فيعينوهم عليك (فَإِنَّ حَسْبَكَ) أي كافيك (اللهُ) بالنصرة من خدعهم ، وهو مصدر بمعنى المحسب (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ) أي قواك (بِنَصْرِهِ) إياك بملائكته (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [٦٢] من الأنصار وهم الأوس والخزرج ، وكان بينهم عداوة وإحن.
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣))
__________________
(١) أي مما ، ب م : كل ما ، س.
(٢) رواه مسلم ، الإمارة ، ١٦٧ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٢٤ ؛ والبغوي ، ٢ / ٦٤٦.
(٣) انظر السمرقندي ، ٢ / ٢٤. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها.
(٤) رواه الدارمي ، الجهاد ، ١٤.
(٥) أخرج مسلم نحوه ، الإمارة ، ١٦٩ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٦٤٧.
(٦) والرباط اسم للخيل التي تربط ، س : ـ ب م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٢ / ١٧٤.
(٧) رواه النسائي ، الخيل ، ٧ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٦٤٨.
(٨) قوله ، س : ـ ب م.
(٩) (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) شرط (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في دين الإسلام جزاؤه (يُوَفَّ) أي يكمل ، س : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في دين الإسلام (يُوَفَّ) أي يكمل ، ب م.
(١٠) «للسلم» : قرأ شعبة بكسر السين ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ١٣٢.
(١١) لرفع ، ب م : لدفع ، س.
(١٢) أخذه المؤلف عن السمرقندي ، ٢ / ٢٤.