الطعام لا يشبه بعضه بعضا (١)(وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) أي يأتيهم الملائكة به من ربهم أو يحييهم الملائكة به أو يحيي بعضهم بعضا بالسلام (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) بعد التسبيح (٢)(أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [١٠] قالوه تلذذا وسرورا على ما أكرمهم بأنواع الكرامات وأعطاهم (٣) من الخيرات ، وأصله أنه الحمد لله على أن الضمير للشأن لكون (أَنِ) مخففة من الثقيلة.
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١))
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) نزل في أهل مكة حين استعجلوا العذاب بقولهم اللهم أمطر علينا حجارة من السماء إن كان القرآن حقا (٤) ، فقال تعالى لو عجل الله للناس في استجابة دعائهم في الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير ، يعني كما يحبون أن يستجاب لهم ما طلبوا من الخير (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي لأميتوا وأهلكوا في الدنيا ، قرئ «قضي» مجهولا ورفع «الأجل» ، ومعلوما ونصبه (٥) ، المعنى : أنا لا نعجل للناس الشر بدعائهم (٦) فلا نقضي لهم أجلهم بل نمهلهم (فَنَذَرُ) عطف على المقدر ، أي نترك (٧)(الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) أي لا يخافون البعث بعد الموت (فِي طُغْيانِهِمْ) أي في ضلالتهم مع إفاضة النعم عليهم إلزاما للحجة واستدراجا في العذاب (يَعْمَهُونَ) [١١] أي يترددون متحيرين ، وإنما عطف (٨)(فَنَذَرُ) على محذوف لا على (يُعَجِّلُ) ، لأن الترك وقع والتعجيل لم يقع كما اقتضته (لَوْ).
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢))
ثم بين حال الإنسان الغير الصابر فقال (وَإِذا مَسَّ) أي أصاب (الْإِنْسانَ الضُّرُّ) أي البلاء من المرض والفقر (دَعانا) بالإخلاص (لِجَنْبِهِ) أي مضطجعا ومطروحا على جنبه إذا اشتد بلاؤه ، فهو في محل النصب على الحال بدليل (أَوْ قاعِداً) إذا كان أهون (أَوْ قائِماً) إذا نهض وبقي فيه أثر العلة ، يعني دعانا في جميع حالاته عند نزول البلاء عليه (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ) أي أزلنا عنه بلاءه (مَرَّ) أي استمر على ترك الدعاء إلينا ونسيه (كَأَنْ) أي كأنه (لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) أي إلى بلاء أصابه قبل ذلك (كَذلِكَ) أي مثل ذلك التزيين (زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ) أي زين لهم الله بخذلانه أو الشيطان بوسوسته (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [١٢] من الإعراض عن الإيمان والعمل للآخرة ومن الاشتغال (٩) بالشهوات في الدنيا.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣))
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يا أهل مكة بالعذاب (لَمَّا ظَلَمُوا) أي حين أقاموا على كفرهم واتباع الشهوات (وَجاءَتْهُمْ) الواو للحال ، أي وقد أتى القرآن المتقدمة (رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي بالحجج والشواهد على صدقهم ، والمراد المعجزات أو الأحكام من الأمر والنهي (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) أي ليصدقوا الرسل ويرغبوا في
__________________
(١) نقله المؤمن عن البغوي ، ٣ / ١٤٠ ـ ١٤١ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) بعد التسبيح ، ب م : بالتسبيح ، س.
(٣) وأعطاهم ، ب س : وإخطائهم ، م.
(٤) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٩٠ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٣ / ١٤١.
(٥) «لقضي إليهم أجلهم» : قرأ الشامي ويعقوب بفتح القاف والضاد وألف بعدها ونصب اللام من أجلهم ، والباقون بضم القاف وكسر الضاد وياء مفتوحة بعدها مع رفع «أجلهم» وضم حمزة ويعقوب هاء «إليهم» وكسرها غيرهما. البدور الزاهرة ، ١٤٢.
(٦) أنا لا نعجل للناس الشر بدعائهم ، ب س : ـ م.
(٧) عطف على المقدر أي نترك ، ب س : ـ م.
(٨) وإنما عطف ، ب س : فعطف ، م.
(٩) ومن الاشتغال ، ب س : وللاشتغال ، م.