يَكْفُرُونَ) [٧٠] بالقرآن ومحمد عليهالسلام.
(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٧١))
قوله (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) نزل حين دعا عبد الرحمن بن أبي بكر أباه إلى عبادة الأصنام ، وكان أبوه وأمه يدعوانه إلى دين الإسلام (١) ، وقيل : في قريش عذبوا نفرا من المسلمين يدعونهم إلى الشرك (٢) ، فقال تعالى خطابا (٣) للنبي عليهالسلام وإن كانت الآية واردة في شأن أبي بكر للاتحاد الذي كان بينه عليهالسلام وبين الصديق رضي الله عنه قل لكفار (٤) مكة أنعبد غير الله النافع الضار (ما لا يَنْفَعُنا) من الأوثان في الآخرة (وَلا يَضُرُّنا) في الدنيا (وَنُرَدُّ) عطف على (أَنَدْعُوا) ، أي وأنرجع (٥)(عَلى أَعْقابِنا) أي إلى الشرك الذي تركناه خلفنا (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) أي أرشدنا إلى الإسلام ، قوله (كَالَّذِي) كافه في محل النصب على الحال من ضمير (نُرَدُّ)(٦) ، أي أنرجع خلفنا مشبهين بالذي (٧)(اسْتَهْوَتْهُ) أي أسقطته (الشَّياطِينُ) أي مردة الجن والغليان ، وقرئ استهواه بالتذكير (٨) لتقدم فعل الجماعة ، يعني طلبوا هويه بالإضلال عن الجادة والرفقاء (فِي الْأَرْضِ) أي في مفازتها (حَيْرانَ) نصب على الحال من الضمير المنصوب في (اسْتَهْوَتْهُ) ، أي متحيرا مترددا ، لا يدري أين يذهب وكيف يصنع (لَهُ أَصْحابٌ) أي لهذا الضال عن الجادة المتحير رفقة (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) أي إلى طريق هدايته قائلين له (ائْتِنا) أي ارجع إلينا فانا على الطريق المستقيم ، فلم يلتفت إليهم وبقي هائما في ضلالته ، فذلك مثلنا إن تركنا دين الإسلام ورجعنا إلى الشرك ، ثم قال تحريضا لهم على الإسلام (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) وهو الإسلام (هُوَ الْهُدى) أي هو الرشاد وحده وما وراءه ضلالة وغواية (وَ) قل (أُمِرْنا) بالإسلام (٩) ، أي قيل (١٠) لنا أسلموا (١١)(لِنُسْلِمَ) أي لأجل أن نسلم ، يعني نخلص الدين (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [٧١].
(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢))
قوله (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) عطف على محل (لِنُسْلِمَ) ، أي وأمرنا أن أقيموا ، يعني باقامة الصلوة أو على «نسلم» بتقدير ولأن أقيموا ، أي للإسلام ولإقامة الصلوة (١٢) ، يعني لنسلم (١٣) ولنقيم الصلوة (١٤)(وَاتَّقُوهُ) أي ولأن اتقوا الله (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [٧٢] يوم القيامة فيجازيكم بأعمالكم ، وهو تهديد لهم.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣))
ثم دل بصنعه على جلالته ليؤمنوا به بقوله (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) أي قائما بالصدق والصواب لا بالعبث والباطل ليعتبروا به (١٥)(وَيَوْمَ يَقُولُ) عطف على ضمير المفعول في (اتَّقُوهُ)(١٦) ، أي واتقوا يوم يقول الله له ، يعني يوم البعث (كُنْ فَيَكُونُ) بلا مهلة فينتشر الخلائق كلهم في وجه الأرض كالجراد المنتشر ،
__________________
(١) عن ابن عباس ، انظر السمرقندي ، ١ / ٤٩٤.
(٢) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ١ / ٤٩٣.
(٣) فقال تعالى خطابا ، ب س : فقال تعالى قل خطابا ، م.
(٤) قل لكافر ، ب س : لكفار ، م.
(٥) أي وأنرجع ، ب م : أي نرجع ، س.
(٦) نرد ، ب : ندعوا ، س م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٢ / ٧٤.
(٧) بالذي ، ب : الذي ، س م.
(٨) «استهوته» : حكمها حكم «توفته» للقراءة جميعا. البدور الزاهرة ، ١٠٤.
(٩) (و) قل (أمرنا) بالاسلام ، م : قل (وأمرنا) بالإسلام ، ب ، م.
(١٠) أي قيل ، م : أي وقل قيل ، ب س.
(١١) أسلموا ، ب س : أسلموا بالإسلام ، م.
(١٢) أي للإسلام ولإقامة الصلوة ، س م : ـ ب.
(١٣) لنسلم ، ب : أسلم ، س م.
(١٤) ولنقيم الصلوة ، ب س : ـ م.
(١٥) ليعتبروا به ، ب : لتعتبروا به ، س م.
(١٦) المفعول في «اتقوه» ، ب س : مقعول «اتقوا» ، م.