السجود الذي أمرتكم به.
(قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣))
(قالَ) إبليس (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ) واللام فيه للتأكيد ، أي لا يصح مني (١) ويستحيل أن أسجد (لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ) أي من طين متقعقع (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [٣٣] أي أسود متغير ، يعني منتن لأني أفضل منه ولا يصح أن يسجد الفاضل المفضول.
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤))
(قالَ) تعالى (فَاخْرُجْ مِنْها) أي من الجنة أو من صورة الملك أو من السماء (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) [٣٤] أي طريد من رحمتي أو شيطان يرجم بالشهاب كالشياطين.
(وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥))
(وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) أي دعاء اللعنة في السماء والأرض والمذمة من غير أن تعذب (إِلى يَوْمِ الدِّينِ) [٣٥] أي يوم الحساب والجزاء ثم تعذب فيه.
(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦))
(قالَ) إبليس (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) أي أمهلني (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [٣٦] أي يخرج الخلق من قبورهم أراد أن لا يموت أبدا.
(قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨))
(قالَ) تعالى (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [٣٧](إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) [٣٨] أي الوقت الذي يموت فيه الخلائق وهو النفخة الأولى أمهله ليكون زيادة في شقائه (٢) ، قيل : إن مدة موت إبليس أربعون سنة وهو ما بين النفختين (٣).
(قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠))
(قالَ) إبليس يا (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) الباء للقسم و «ما» مصدرية ، أي أقسم بإغوائك إياي ، يعني بما أضللتني أو خيبتني من رحمتك أو للسببية ، يتعلق بفعل القسم المحذوف ، أي بسبب بإغوائك إياي أقسم ، وجواب القسم (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) حب الدنيا والمعاصي (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ) أي ولأضلنهم (أَجْمَعِينَ) [٣٩](إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [٤٠] بكسر اللام ، أي المؤمنين الذين أخلصوا لك الطاعة مع الإيمان ، وبفتح اللام (٤) ، أي الذين أخلصتهم بتوحيدك واصطفيتهم بهدايتك ، وإنما استثناهم الخبيث ، لأن كيده لا يضرهم.
(قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١))
(قالَ) تعالى (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) [٤١] أي هذا التوحيد والإسلام سبيل إلي ، مستقيم لا عوج فيه ، فمن سلكه بالإخلاص لا يضل عنه أو على واجب استقامته وأن أراعيه وأراعي من سلكه مخلصا.
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢))
(إِنَّ عِبادِي) الذين أطاعوني (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي قوة وحجة على إغوائهم أو ليس لك تسلط عليهم ، لأن توقعهم في ذنب يضيق عفوي عنه إن تابوا بعد ارتكابه بالشهوة البشرية (إِلَّا) على (مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [٤٢] أي أطاعك باختيار سبيلك وكفر بي وبسبيلي لغوايته.
__________________
(١) مني ، س م : ـ ب.
(٢) شقائه ، ب س : شقاوته ، م.
(٣) أخذه عن البغوي ، ٣ / ٤٠٢.
(٤) «المخلصين» : فتح اللام المدنيان والكوفيون ، وكسرها غيرهم. البدور الزاهرة ، ١٧٥.