(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣))
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) الضمير يرجع إلى (الْغاوِينَ) ، أي لمصير إبليس ومن تبعه (أَجْمَعِينَ) [٤٣] حال من الضمير المجرور في (لَمَوْعِدُهُمْ) ، والعامل فيه معنى الإضافة.
(لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤))
(لَها) أي لجهنم (سَبْعَةُ أَبْوابٍ) أي أطباق ، بعضها فوق بعض (لِكُلِّ بابٍ) أي لكل طبقة (مِنْهُمْ) أي من إبليس وأتباعه (جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [٤٤] أي قوم مخصوصون يسكنونها ، وهي جهنم ولظى والحطمة والسعير وسقر والجحيم والهاوية على هذا الترتيب ، فأعلاها للموحدين العاصين بعمل الكبائر يعذبون فيها بقدر ذنوبهم ثم يخرجون ، والثانية للنصارى والثالثة لليهود والرابعة للصائبين والخامسة للمجوس والسادسة لأهل الشرك والسابعة للمنافقين.
قال علي رضي الله عنه : «أتدرون كيف أبواب النار هكذا ، ووضع إحدى يديه على الأخرى ، يعني سبعة أبواب بعضها فوق بعض ، وقال : إن الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها على بعض» (١).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦))
ثم بين منازل المؤمنين المطيعين فقال (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) أي الخائفين بالتوبة من الشرك والمعصية (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) [٤٥] أي في بساتين ذات فواكه وأنهار جارية عذبة ، يقال لهم (ادْخُلُوها) أي الجنة (بِسَلامٍ) أي بسلامة من العذاب ومن كل مخوف ، وهو نصب على الحال بمعنى سالمين أو مسلما عليكم بسلام الملائكة (آمِنِينَ) [٤٦] من الموت والخروج والآفات ، حال أخرى (٢) أو بدل من «بسلام».
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧))
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) أي حقد أو حسد أو عداوة كانت بينهم في الدنيا ، يعني أن أهل الجنة لا يتحاسدون فيها على المنازل والكرامات لزوال الغش عن قلوبهم ، بل يتحابون (إِخْواناً) حال من «هم» المضاف إليه (عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [٤٧] حال أخرى ، أي كائنين متحدثين في مقابلة بعضهم بعضا ، لا ينظر أحد منهم إلى قفا صاحبه لدوران الأسرة بهم ، قيل : إن المؤمن في الجنة إذا أراد أن يلقي أخاه المؤمن سار سرير كل واحد منهما إلى صاحبه فيلتقيان ويتحدثان (٣).
(لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨))
(لا يَمَسُّهُمْ) حال من ضمير متقابلين ، أي لا يصيبهم (٤)(فِيها) أي في الجنة (نَصَبٌ) أي تعب ومشقة (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) [٤٨] هذا أظهر آية في القرآن على الخلود في الجنة. د
(نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩))
ثم قال الله تعالى لنبيه عليهالسلام بعد إتمامه ذكر الوعد والوعيد تقريرا لما ذكره وتمكينا له في النفوس (نَبِّئْ عِبادِي) أي أخبرهم (أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [٤٩] لمن تاب من الناس ، نزل حين خرج النبي عليهالسلام على أصحابه وهم يضحكون ، فقال : أتضحكون وبين أيديهم النار؟ فجاء جبرائيل فقال : يقول لك ربك يا محمد لم تقنط عبادي؟ فاني غفور لذنوبهم رحيم بهم (٥).
__________________
(١) انظر البغوي ، ٣ / ٤٠٣.
(٢) أخرى ، ب س : ـ م.
(٣) نقله المفسر عن البغوي ، ٣ / ٤٠٤.
(٤) لا يصيبهم ، س م : لا يصبهم ، ب.
(٥) أخذه المؤلف عن البغوي ، ٣ / ٤٠٥ ؛ وانظر أيضا الواحدي ، ٢٣٣.