(وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠))
(وَ) أخبرهم أيضا (أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) [٥٠] لمن لم يتب ، قال عليهالسلام : «لو علم العبد قدر رحمة الله لما تورع من حرام ، ولو علم قدر عذابه لبخع نفسه» (١) ، أي لأهلكها في طاعة الله.
(وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢))
ثم قال تحريضا على التبشير ومنعا عن الإقناط وتخويفا لهم مما أحل من العذاب من سخط الله بقوم مجرمين بالعطف على «نَبِّئْ عِبادِي» (وَنَبِّئْهُمْ) أي أخبر عبادي (عَنْ) خبر (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) [٥١] أي أضيافه ، والضيف اسم يدل على القليل والكثير والذكر والأنثى وهم الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى ليبشروا إبراهيم بالولد ، وليهلكوا قوم لوط لإصرارهم على الكفر وفعلهم الخبيث ، وأبدل من «ضَيْفِ إِبْراهِيمَ» (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على إبراهيم (فَقالُوا سَلاماً) أي فسلموا عليه سلاما ، فرد عليهمالسلام وأضافهم ولم يأكلوا طعامه فأنكرهم لامتناعهم من الأكل ودخولهم عليه بغير إذن فثمه (قالَ) إبراهيم (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) [٥٢] أي خائفون.
(قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣))
(قالُوا لا تَوْجَلْ) أي لا تخف منا وبشروه فقالوا تعليلا للنهي عن الوجل (إِنَّا نُبَشِّرُكَ) بالتشديد معلوما من التبشير ، وبالتخفيف معلوما من البشر ، كلاهما بنون التكلم (٢)(بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [٥٣] في صغره وهو إسحق ، فعجب إبراهيم من كبره وكبر زوجته مع بشراهم.
(قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤))
(قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي) بالولد (عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) أي على حال كبرى (فَبِمَ) أصله فبما ، وهو «ما» الاستفهامية دخلها معنى التعجب ، أي فبأي أعجوبة (تُبَشِّرُونَ) [٥٤] بكسر النون مع التخفيف والتشديد ، وبفتح النون مع التخفيف (٣) ، يعني أتبشروني بما هو أمر عجيب مستنكر مع الكبر هو (٤) غير متصور في العادة.
(قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥))
(قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ) أي بالصدق وهو وعد الله الذي هو الحق (فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) [٥٥] أي الآيسين من الولد في حال الكبر.
(قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦))
(قالَ) إبراهيم (وَمَنْ يَقْنَطُ) بكسر النون وفتحها (٥) ، أي ومن ييأس (مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ) أي من نعمته (إِلَّا الضَّالُّونَ) [٥٦] أي الخاسرون عن الهدى ، يعني قال لا أنكر ذلك ولكن استبعده عادة.
(قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧))
(قالَ) إبراهيم لهم (فَما خَطْبُكُمْ) أي ما قصدكم من مجيئكم (أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) [٥٧] من الله.
(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩))
(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) [٥٨] لإهلاكهم بسبب تفريطهم في كفرهم وهم قوم لوط ، قال إبراهيم :
__________________
(١) انظر السمرقندي ، ٢ / ٢٢١ ؛ والبغوي ، ٣ / ٤٠٥. ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث المعتبرة التي راجعتها.
(٢) «نبشرك» : قرأ حمزة بفتح النون وإسكان الباء وضم الشين مخففة ، والباقون بضم النون وفتح الباء وكسر الشين مشددة. البدور الزاهرة ، ١٧٦.
(٣) «تبشرون» : قرأ نافع بكسر النون مخففة وابن كثير بكسرها مشددة ، والباقون بفتحها مخففة ، ولا يخفى أن لابن كثير المد المشبع للساكنين في الحالين. البدور الزاهرة ، ١٧٦.
(٤) هو ، س م : ـ ب.
(٥) «يقنط» : كسر النون البصريان وخلف العاشر والكسائي ، وفتحها غيرهم. البدور الزاهرة ، ١٧٦.