وبعض السفرجل أو بالعكس كالتفاح وبعض الإجاص أو مشتبها بعضه ببعض في القدر واللون والطعم وغير مشتبه في الكل ، وذلك دليل على التعمد من الفاعل القادر المختار دون الإهمال (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ) بفتح الثاء والميم جمع ثمرة كبقرة وبقر ، وبضم الثاء والميم (١) جمع ثمرة أيضا كبدنة وبدن أو هو اسم جنس ، وهو الأظهر ، أي انظروا نظر اعتبار إلى ابتداء ثمره (إِذا أَثْمَرَ) حيث يكون ضعيفا لا ينتفع به (وَيَنْعِهِ) أي وإلى إدراكه ونضجه ينتفع به لتستدلوا على قدرة صانعه ومدبره بالنقل من حال إلى حال معاشا لعباده فتؤمنوا به فتسعدوا (٢)(إِنَّ فِي ذلِكُمْ) أي في هذا الصنع من إخراج نبات كل شيء بالماء الواحد واختلاف الثمرات لونا وطعما وقدرا فتشابهها (٣) كذلك (لَآياتٍ) أي لعبرات (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [٩٩] أي يرغبون في الحق بالصدق.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١))
قوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ) نزل في المشركين الذين جعلوا صنفا من الملائكة مسمى بالجن بنات الرحمن (٤) أو في الزنادقة الذين قالوا إن الله خالق الخير وكل نافع ، وإبليس خالق الشر وكل ضار (٥) ، أي صيروا الجن شركاء لله ، ف (الْجِنَّ) مفعول أول ، و (شُرَكاءَ) مفعول ثان ، و (لِلَّهِ) صلته ، قدم مع موصوله على الأول استعظاما لاتخاذ شريك لله (وَخَلَقَهُمْ) حال ، أي وقد خلق الجن فكيف يكونون لله شركاء (وَخَرَقُوا) بالتشديد والتخفيف (٦) ، أي أفكوا وافتعلوا (لَهُ) أي لله (بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي بجهل وتخرص لا بحجة وبيان ككفار اليهود الذين قالوا عزير بن الله ، والنصارى الذين (٧) قالوا المسيح ابن الله ، وكمشركي العرب الذين قالوا الملائكة بنات الله (سُبْحانَهُ وَتَعالى) عن ما (يَصِفُونَ) [١٠٠] أي تنزه وتجلل عما يصف الكفار بأن له ولدا لامتناعه في حقه ، يوضحه (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي هو يبدعهما ، من أبدع إذا أبدأ شيئا لم يكن شيئا (أَنَّى يَكُونُ) أي كيف يوجد (لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) أي مجانسة (٨) توافقه ، إذ الولد إنما يكون من جنس الوالد والبرهان قائم على امتناعه منه ، ولأن طلب الولد من جهة الاحتياج إليه وهو مستحيل (٩) في حقه تعالى (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) من عزير وعيسى والملائكة وغيرهم ، فهم خلقه وعبيده لحكمة مع عدم احتياجه إلى الكل (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [١٠١] أي يعلم كله لأي حكمة خلقها.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢))
(ذلِكُمُ) أي الذي فعل هذا وعلم حكمته (اللهُ) مبتدأ وخبر ، والخبر الثاني (رَبُّكُمْ) والثالث (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي لا معبود غيره (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) خبر رابع أو مبتدؤه (١٠) محذوف ، أي هو الخالق لكل شيء لا غيره (فَاعْبُدُوهُ) أي هو المستحق للعبادة بهذه الصفات ، لا يجوز أن يعبد غيره ، ثم أكد وجوب عبادته فقال (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [١٠٢] أي كفيل بأرزاقهم قيم بمصالحهم.
(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣))
(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) أي لا يراه الخلق في الدنيا للطفه وضعف القوة الباصرة فيهم ، وهذا إجماع من
__________________
(١) «ثمره» : قرأ الأخوان وخلف بضم الثاء والميم ، والباقون بفتحهما. البدور الزاهرة ، ١٠٨.
(٢) فتسعدوا ، ب س : فتستعدوا ، م.
(٣) فتشابهها ، م : وتشابهها ، ب ، أو تشابهها ، س.
(٤) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ١ / ٥٠٤.
(٥) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ١ / ٥٠٤ ؛ والواحدي ، ١٨٦ ؛ والبغوي ، ٢ / ٣٩٨.
(٦) «وخرقوا» : قرأ المبدنيان بتشديد الراء ، والباقون بتخفيفها. البدور الزاهرة ، ١٠٨.
(٧) الذين ، ب س : ـ م.
(٨) مجانسة ، ب م : مجانسته ، س.
(٩) وهو مستحيل ، ب س : كان مستحيلا ، م.
(١٠) أو مبتدأه ، ب س : ومبتدأه ، م.