الجنة ، وهو مبتدأ ، خبره (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [١٢] بالبعث ، لأنه محكوم عليهم بالعذاب.
(وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣))
قوله (وَلَهُ ما سَكَنَ) مبتدأ وخبر ، أي لله كل ما استقر (فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) من الدواب والطيور في البر والبحر ، فمنه ما يحل في الليل وينتشر (١) في النهار ، ومنه ما يحل بالنهار وينتشر (٢) بالليل (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [١٣] فلا يخفى عليه شيء مما يشتمل عليه الليل والنهار من الأقوال والأفعال.
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤))
ثم قالوا للنبي عليهالسلام إن آباءك كانوا على ديننا فارجع إلى دين آبائك حتى نعينك بالمال ، فقال تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) أي أأعبد ربا غير ربي الله (فاطِرِ السَّماواتِ) بالجر صفة (اللهِ)(٣) ، أي خالقها (وَ) خالق (الْأَرْضِ) والفطر إنشاء الخلقة من غير مثال ، وهو من الصفات الخاصة بالله تعالى (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) أي يرزق ولا يرزق (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) من أهل مكة أو من هذه الأمة ، وقيل لي (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [١٤] بقولهم لك ارجع إلى دين آبائك ، يعني أمرت بالإسلام ونهيت من الشرك.
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥))
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) بالرجوع إلى ما دعوتموني إليه من عبادة غيره (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [١٥] وهو يوم القيامة.
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦))
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ) مجهولا ، والضمير فيه لل «عذاب» ، وفي (عَنْهُ) ل «من» فيكون (يَوْمَئِذٍ) ظرفا ل (يُصْرَفْ) ، ومعلوما (٤) ، والضمير له ل «الله» وفي «عنه» لل «عذاب» ، والمفعول محذوف ، أي من يصرفه الله عن العذاب (فَقَدْ رَحِمَهُ) أي فقد عصمه برحمته ومغفرته (وَذلِكَ) أي صرف العذاب عن الإنسان (٥)(الْفَوْزُ الْمُبِينُ) [١٦] أي النجاة الظاهرة ، قال عليهالسلام : «لا ينجو أحد بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» (٦).
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧))
ثم قال تعالى تخويفا لنبيه من الرجوع عن دينه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ) أي إن يصبك (بِضُرٍّ) أي بشدة وبلاء من الفقر والمرض (٧) وغيره (فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) أي لا يقدر أحد أن يدفعه عنك إلا الله لا الصنم وغيره من آلهتهم التي يدعونك إلى عبادتها (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) أي إن يصبك بسعة (٨) وصحة (فَهُوَ) يقدر على ذلك دون غيره ، لأنه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [١٧] من إعطاء الخير ومنع الضر.
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨))
(وَهُوَ الْقاهِرُ) أي الله هو الغالب (فَوْقَ عِبادِهِ) حال من الضمير في (الْقاهِرُ) ، أي مستعليا عليهم بتدبير أمورهم من النفع والضر بحسب اقتضاء الحكمة ، والمراد من العباد المملوكون لا من يصدر منهم العبادة (وَهُوَ
__________________
(١) ينتشر ، ب م : ينشر ، س.
(٢) ينتشر ، ب م : ينشر ، س.
(٣) الله ، س : لله ، ب م.
(٤) «يصرف» : قرأ شعبة والأخوان وخلف ويعقوب بفتح الياء وكسر الراء ، والباقون بضم الياء وفتح الراء. البدور الزاهرة ، ١٠٠.
(٥) الإنسان ، ب م : الناس ، س.
(٦) رواه البخاري ، الرقاق ، ١٨ ، والمرضى ، ١٩ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٤٧٧.
(٧) من الفقر والمرض ، س : من المرض ، ب م.
(٨) بسعة ، ب س : سعة ، م.