لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢)
____________________________________
والعمارة والخراب (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) فلا أحد يعقب الحكم الصادر منه تعالى بالتغيير والتبديل (وَهُوَ) سبحانه (سَرِيعُ الْحِسابِ) فلا يظن القوي ، أنه يبقى ، وإن طغى ، بل يأخذه الله سبحانه بسرعة مذهلة ، حتى كأنه لم يغني بالأمس ، ومن نظر إلى سرعة انهيار الكفار والظالمين ، ليأخذه العجب.
[٤٣] إن هؤلاء الكفار ليسوا بأشد مكرا ـ لإطفاء الدين ـ من قبلهم ، فقد كان أولئك يمكرون ، ويأخذون التدابير الخفية ، لمحو هدى الأنبياء عليهمالسلام ، ولكن تدبير الله كان أقوى منهم فقد نصر أوليائه في الدنيا ، وسينصرهم في الآخرة ، بإعطاء الثواب الجزيل ، وإخلاد الكفار النار (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فقد مكر الكفار في الأمم السابقة ، للرسل المؤمنين باتخاذ تدابير خفية لاستئصالهم فأبطل الله مكرهم ، إذ (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) فإنه سبحانه عالم بجميع التدابير ، فيرد على الكفار تدابيرهم ويتخذ هو سبحانه تدابير خفية لنصرة الأنبياء (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) من التدابير الخفية والجلية ، فيضع لتدابير الكفار معوّقا ومبطلا ، هذا في الدنيا (وَسَيَعْلَمُ) في الآخرة (الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة ـ فإنها طبعا ـ للمؤمنين دونهم.
[٤٤] ابتدأت السورة بقوله (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) فقد كان الابتداء لإثبات الرسالة ، ويأتي الختام ليفهم ما ابتدأت به من إثبات