فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ
____________________________________
(فَإِنَّما عَلَيْكَ) يا رسول الله (الْبَلاغُ) أن تبلغ القوم وتنذرهم (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) بأن نحاسبهم ونجازيهم وننتقم من كفارهم ، إما عاجلا أو آجلا.
[٤٢] لقد أنذر الكفار بالعقاب ، والقارعة تصيبهم ، ألا فلينظروا إلى الأمم السابقة كيف عاقبهم الله سبحانه ، فقد ضيّق سبحانه ملكهم وسعتهم ، بعد أن كانوا كبارا أقوياء (أَوَلَمْ يَرَوْا) استفهام إنكاري ، أي لقد رأى هؤلاء الكفار (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أي نقصدها ، ونتوجه نحوها (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) أي ننقص أراضي الكفار من هنا وهناك ، بأن تصبح أرضهم يبابا بعد أن كانت عامرة ، ومدنهم صغيرة ، بعد أن كانت كبيرة ، وحدودهم ضيقة ، بعد أن كانت وسيعة ، كل ذلك لانهيارهم وضعفهم ، فلا يقدروا على الزراعة والعمارة ، وفقد شبابهم وقواهم ، فلا يتمكنوا من حفظ حدودهم من الدول المعتدية ، وقوله سبحانه «الأرض» لا دلالة فيها على مجموع أرض الكرة ، فإن مثل هذا التعبير كثير في مثل المقامات التي ذكرنا يقال : الرئيس الفلاني ، أفسد الأرض ، والرئيس الفلاني عمرها ، أو وسّع فيها ، أو ضيقها مما هو كثير متداول في ألسنة الناس ، وقد روي عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : يعني بذلك ما يهلك من القرون ، فسماه إتيانا. أما ما ورد من تفسير الآية بموت العالم ، فإن ذلك من أسباب نقص الأرض ، إذ العالم قوة تحفظ سعة الأرض ، وعمارتها ونشاطها (وَ) قد يظن بعض الناس ، أو بعض الدول إنما أنهم يوسعون ويعمرون ، فلا قدرة فوقهم لكنه سراب خادع ، فإن (اللهُ يَحْكُمُ) بكل شيء ومنها السعة والضيق