فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)
____________________________________
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وهذه كتسلية للرسل يسلون بها أنفسهم ، يريدون إنا نتوكل عليه سبحانه في تكذيبكم ونصبكم العداء لنا ـ كما يقول موظف الدولة ، بعد أن رأى عدم فائدة الحجاج مع من يريد تطبيق القانون عليه «اعتمادي على الدولة» يريد التهديد والاستغناء ، بهذه الجملة.
[١٣] ثم نرسم للرسل منهاجهم في الحياة بصورة سؤال واستفهام عن الأقوام تلطيفا للجو ، فإن في السؤال إظهارا لقوة الخصم ، مما يسبب له اللين والعطف ، حيث اتبع حس كبريائه (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) ، أي أيّ شيء لنا ، إذا لم نتوكل على الله ، ولم نفوض أمورنا إليه ، بمعنى أنه لو تركنا التوكل عليه ، لم يبق لنا شيء ، إذ لا اعتماد لنا ، لا من البشر ، حيث نصبوا لنا العداء ، ولا من الله حيث لم نلجأ إليه (وَقَدْ هَدانا) الله سبحانه (سُبُلَنا) طرقنا في الحياة السعيدة ، والآخرة المرفهة ، والمعنى إنا إذا كنا مهتدين ، فلا ينبغي لنا أن لا نتوكل على الله ف «الواو» في «وقد هدانا» للحال ، ثم أخذت الأنبياء في اجتلاب عطف الأقوام ، بقولهم (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) نصبر ـ على إيذائكم ، ولا نقابلكم بالمثل ، وهذا بالإضافة إلى كونه حقيقة ، فقد كانت الأنبياء تصبر في مقابل أذى الأقوام ، ليعطفوا قلوب الناس إليهم ، لأن الناس مع المظلومين (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) من أراد التوكل والتفويض إلى أحد في أموره ، فاللازم أن يتوكل على الله ، لأنه ينصره ، ويسعفه بحاجته ، وقد تقرر في علم البلاغة ، أن «الفعل»