أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨)
____________________________________
الحقة ، فإن ذلك من باب أحد المصاديق للآية الكريمة. فقد روي عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث سؤال القبر فيقولان «منكر ونكير» له : من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول : الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فيقولان : ثبّتك الله فيما يحبّ ويرضى ، وهو قول الله يثبت الله الذين آمنوا ، الآية (١).
[٢٩] وبمناسبة الحديث عن المؤمنين والظالمين يأتي السياق لبيان أنهم كيف ظلموا أنفسهم حتى ضلوا سواء السبيل (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله ، أو أيها الرائي ، والمراد بالرؤية العلم ، والاستفهام تذكيري ـ كما تقدم ـ (إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً)؟ أخذوا بدل النعمة الكفر ، فلقد كان مقتضى العقل أن يأخذوا النعمة بشكرها ، فأخذوا الكفر ، فكأن النعمة شيء قابل للأخذ ، فلم يأخذوها ، وإنما أخذوا مكانها الكفر ، وهذا عام يشمل كل من يترك النعمة ليأخذ مكانها الكفر ، فمن يترك الرسول ليتخذ مكانه الكفر ، ومن يترك الولاية لأهل البيت ليأخذ مكانهم الكفر بهم ، ومن يترك شكر النعمة ليأخذ مكانه الكفران بها ، وغيرهم من أمثالهم كل أولئك بدلوا نعمة الله كفرا وما ورد من تفسيرها بكفّار قريش فإنه من باب المصداق الظاهر.
والحقيقة أن النعمة لا تبدّل بالكفر ، وإنما الشكر للنعمة يبدل بكفرانها ، وإنما جيء بهذا المجاز ـ بعلاقة السبب والمسبب ـ تهويلا (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) فهم ـ الرؤساء ـ قد قادوا قومهم وأتباعهم
__________________
(١) تأويل الآيات : ص ٢٤٧.