فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)
____________________________________
الإنسان الذي هو بعيد فإن المحيط يوحي بما يحمل معه من المعاني الخيرة أو الشريرة (فَاجْعَلْ) يا رب (أَفْئِدَةً) جمع فؤاد ، وهو القلب (مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أي تميل إليهم وتهواهم ، وذلك سبب لتعمير البيت أولا ، وإقبال الناس على الحق ثانيا ، وسيادة الذرية ثالثا ، ومن المعلوم أن من المرغوب فيه أن يكون أبناء الإنسان سادة ، سواء للدين أو الدنيا ، كما قال سبحانه حكاية عن المؤمنين (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (١) هذا بالإضافة إلى إصلاح أمور معايشهم إذا هوتهم الأفئدة فاختلف الناس إليهم.
(وَارْزُقْهُمْ) يا رب (مِنَ الثَّمَراتِ) ولعل هذا الدعاء كان لأجل أن مكة لجدب أرضها لا تنبت ثمرا ، إلا أن يشاء الله أن يؤتي إليها بالثمار ، وقد استجاب الله كل دعاء إبراهيم عليهالسلام التي منها هذا الدعاء ، فإن مكة إلى هذا اليوم يجبي إليها ثمرات كل شيء ، فالحاج يرى هناك من أنواع الثمار المجبية من أطراف الأرض ما يدهشه (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) أي لكي يشكروا نعمك ويعرفوا فضلك فيفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة ، و «لعلّ» ، علة لما تقدّمه من أدعية إبراهيم عليهالسلام أي افعل بهم كذا وكذا لكي يشكروا ، أو رجاء أن يشكروا فإن الإنسان جبل على شكر المنعم.
[٣٩] ثم يظهر إبراهيم عليهالسلام أن دعائه بتلك الدعوات ليس لمظاهر ريائية ، وإنما الأدعية انقطاع إليه سبحانه ، وتضرع وطلب من الله ، وكيف
__________________
(١) الفرقان : ٧٥.