لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا
____________________________________
أو المراد ناكسي رؤوسهم ـ قيل وهو لغة قريش ـ كما قال سبحانه : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) (١) ولا تنافي فإن مواقف القيامة كثيرة ، ففي موقع يكونون هكذا ، وفي موقع هكذا (لا يَرْتَدُّ) أي لا يرجع (إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي عينهم فإنهم لا يطبقونها ولا يغمضونها ، إذ هي مفتوحة مذهولة مبهوتة (وَأَفْئِدَتُهُمْ) أي قلوبهم (هَواءٌ) أي مجوّفة لا تعي شيئا للخوف والفزع ، شبهت بهواء الجو ، وذلك لأن الإنسان الخائف لا تحضر نفسه لفهم شيء حيث توجهت جميع حواسه إلى ذلك الخوف الهائل.
[٤٥] (وَأَنْذِرِ) يا رسول الله (النَّاسَ) عن (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) هو يوم القيامة ، أو يوم الموت ، فإن العذاب يشرع من هناك ، أو المراد عذاب الدنيا حين الاحتضار ونحوه (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر أو العصيان (رَبَّنا أَخِّرْنا) أي أرجعنا إلى الدنيا ، أو مدّ في أعمارنا (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أي مدة قصيرة (نُجِبْ دَعْوَتَكَ) «نجب» مجزوم بكونه جواب الأمر ، أي إن تؤخرنا نجب دعوتك وأوامرك (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فيما قالوا وأمروا ولكن هيهات أن يردّوا أو يؤخروا ، لأنهم استوفوا مدتهم ، ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه ، وهنا يتوجه الخطاب إليهم بالتقريع (أَوَلَمْ تَكُونُوا) أيها الظالمون
__________________
(١) السجدة : ١٣.