وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦)
____________________________________
قبلك يا رسول الله ، كما مكروا بك ، فعصمهم الله من مكر الكفار ، فيكون تسلية للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيما يفعله هؤلاء به.
(وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أنه محفوظ لديه سبحانه ، غير خاف عليه ، فلا يمكن أولئك أن ينفذوا مكرا دون أن يعلمه الله سبحانه ، وهذا كقولك لمن خاصمك : عندي ما تفعله ، تعني إنك مطلع عليه ، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان مطلعا على طرق مكر الخصم ، لا يتمكن الخصم من إغفاله ، وإنفاذ مكره به (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ) في غاية العظم والدقة بحيث لو أنفذوها على اقتلاع الجبال الراسيات (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) لكنه لا ينفذ بالنسبة إلى أنبياء الله عليهمالسلام ومن في زمرتهم لأن الله مطلع يحبطه فلا يتمكنون من إضرار الأنبياء بذلك المكر ، ولا يقال : إذا كان كذلك فكيف تمكن بعض الأمم من إنفاذ مكرهم على الأنبياء حتى قتلوهم أو شردوهم؟ فالجواب : إن الذي أراده الأنبياء إنما هو تنفيذ منهاج السماء في الناس وقد تمكنوا من ذلك ، أما أشخاصهم فلم يكن للأنبياء همّ في بقاء حياتهم ، بل بالعكس من ذلك إن غاية آمال الأنبياء والأئمة لقاء الله سبحانه قتلا ونحوه ، كما قال الإمام عليهالسلام :
وإن كانت الأبدان للموت أنشأت |
|
فقتل امرء بالسيف في الله أفضل (١) |
__________________
(١) ديوان الإمام علي عليهالسلام : ص ٣١٥.