فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢)
____________________________________
تتولد ـ بقدرة الله سبحانه ـ من الهواء المخلوق حيث يمده الحر ويقلصه البرد ، فيأتي من هنا إلى هناك ليملأ الفراغ ، فهي من إرادة الهواء ، كما أن من إرادة الماء أن يصعد ماء البحر إلى الهواء ثم ينزل مطرا ثم يسيل عيونا وأنهارا حتى ينتهي إلى البحر ليصب فيه ، وهكذا ، لواقح جمع لاقحة ، أي تلقح السحاب بالمطر ، فإن من المعلوم أن الرياح تأتي بالأمطار ، ولذا فرع عليه سبحانه (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) أي المطر ، ويحتمل أن يراد تلقيح الهواء للأشجار ، ثم إنزال الماء ، ليأتي النبات بالثمر.
(فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) «الهاء» يعود إلى الماء ـ والظاهر من هذا التفريع كون الاحتمال الأول هو المقصود ـ أي أسقيناكم ذلك الماء المنزل من السماء ، والمراد من السماء جهة العلو (وَما أَنْتُمْ لَهُ) أي للماء (بِخازِنِينَ) فلستم أنتم أحرزتموه في البحر أولا ، ثم في أعماق الأرض ثانيا ، ثم في العيون والأنهار ثالثا ، حتى توصلتم إليه واستعملتموه في حوائجكم ، بل كل ذلك بفعله سبحانه وقدرته العظيمة ، كما قال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١) وقد يزعم بعض الناس أنه ما فائدة هذه الإدارة في الماء مع ما نرى أن الأنهار تصب في البحار كما كانت سابقا؟ وهذا جهل محض فهل أن الماء خلق للشرب أو سقي الحيوان والنبات فقط؟ إن من فوائد الأنهار تلطيف الأجواء وتجميل الأرض للناظرين ، وهما
__________________
(١) الحجر : ٢٢.