وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨)
____________________________________
لفائدة التنويع فإن السموم نار وريح ، والتي خلق منها إبليس هي هذا القسم من النار ، لا النار الغليظة الخليطة ، روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : الآباء ثلاثة آدم ولّد مؤمنا والجان ولّد مؤمنا وكافرا وإبليس ولّد كافرا وليس فيهم نتاج إنما يبيض ويفرخ وولده ذكور وليس فيهم إناث (١) ، وكان المراد كون طبيعة الإنسان الإيمان لما أودع فيه من فطرة التوحيد.
[٢٩] (وَ) اذكر يا رسول الله (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ) أي سأخلق ، فإن اسم الفاعل يأتي بمعنى المستقبل (بَشَراً) أي هذا الجنس ، قيل وسمي الإنسان بشرا ، لظهور بشرته ـ أي جلده ـ بخلاف سائر الحيوانات (مِنْ صَلْصالٍ) طين يابس (مِنْ حَمَإٍ) أصل ذلك الصلصال من طين مائل إلى السواد (مَسْنُونٍ) أي مصبوب ذلك الصلصال ، قال بعض المفسرين : إن هذه القصة كررت في سورة البقرة أولا ، ثم سورة الأعراف ثانيا ، ثم هنا ثالثا ، ونقطة التركيز مختلفة في هذه المواضع كما أن الأسلوب والسوق مختلف ، ففي سورة البقرة كانت نقطة التركيز استخلاف آدم في الأرض ، وفي الأعراف رحلة الإنسان الطويلة من الجنة وإليها وإبراز عداوة إبليس ، وهنا سر التكوين في آدم وسر الهدى والضلال. أقول : ولعلّ السرّ في لزوم التركيز على مبدأ الإنسان لئلا ينحرف الناس نحو آراء «دارون» ومن إليه.
__________________
(١) الخصال : ج ١ ص ١٥٢.