وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ
____________________________________
وإنه مهما فعل والحال أن الأمر ليس كذلك فإن الله سبحانه خلق الإنسان وخلق أسبابا كونية ، وجعل بعضها تحت قدرة الإنسان ، وربما اقتضت مصلحته أن لا يمكّن الإنسان ـ من تلك الأسباب ـ إما بتعجيز الإنسان ، وإما بجعل موانع في تلك الأسباب ، فللإنسان قدرة واحدة ، وللقدر منفذان لصدّ هذه القدرة ، فمثلا إن الله سبحانه جعل زرع الأرض تحت قدرة الإنسان ، لكنه ربما لا يشاء ذلك فيعجز الإنسان عن الزرع بمرض أو فقر أو نحوهما ، أو يخلق ريحا سامة ، أو مطرا مؤذيا ، أو سوسا آكلا ، فلا يتمكن الإنسان من تنفيذ قدرته ، ولذا يجب التوكل في كل الأمور عليه سبحانه ، فمن رأى كل الأمور من الله سبحانه حتى عمل العبد ، فهو جبري فاسد العقيدة ، ومن رأى كل الأمور مفوضة إلى الإنسان فهو مفوض منحرف الإعتقاد ، بل لا جبر ولا تفويض وإنما أمر بين أمرين ... أما أكثر الناس فإنهم ولو لم يكونوا بمفوضة لكنهم يظنون أن الأمور تحت إرادتهم واختيارهم ، وينصرفون عن التوكل ، ولذا يتعجبون فيما إذا حال دون إرادتهم حائل ، ومن الضروري أن يتوكل الإنسان في أموره إليه سبحانه ، حتى يتفضل الله بعدم إيجاد الحائل ، وإقدار العبد على ما أراده.
[٧٠] (وَلَمَّا دَخَلُوا) أي دخل أولاد يعقوب (عَلى يُوسُفَ) في محله المعد لهم وكان يوسف حينذاك حاضرا (آوى) يوسف عليهالسلام ، من أوى ، يقال أوى إلى منزله إذا صار إليه ، ومنه الإيواء بمعنى إعطاء المكان (إِلَيْهِ) أي إلى نفسه (أَخاهُ) بنيامين فأنزله معه وضمه إلى نفسه ، ثم (قالَ) يوسف لبنيامين (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) يوسف الذي ألقوه الأخوة في الجب قبل