تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨)
____________________________________
تَوَكَّلْتُ) في أن يرد عنكم عين الحساد ويرجعكم إليّ سالمين. (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي المريدون للتوكل على أحد ، عليهم أن يتوكلوا عليه ، ويفوضوا أمورهم إلى الله سبحانه لا إلى غيره وهذا لا ينافي الأخذ بالحزم حسب الموازين التي قررها سبحانه في الكون.
[٦٩] وقد أجاز الأب استصحاب بنيامين لهم ، فشدوا أمتعتهم وخرجوا جميعا من المدينة قاصدين مصر لمرة ثانية (وَلَمَّا دَخَلُوا) مصر (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) أي من أبواب متفرقة كما وصاهم يعقوب (ما كانَ) دخلوهم متفرقين والمعنى أن أمر الأب لم يفد شيئا وإنما كان مطلبا يختلج في نفس يعقوب. (يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) قضاه وقدره ، أي لم ينفعهم ذلك بعد أن أراد الله سبحانه أن يبقى أحدهم ـ وهو بنيامين ـ في مصر ، فلا يتمكنون أن يرجعوه إلى أبيهم (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أي قضى تلك الحاجة بأمرهم الدخول متفرقين فأظهره ، أما التقدير فقد عمل عمله ، إذ نسبوا إلى السرقة ، وأخذ الملك بنيامين (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ) أي إن يعقوب ذو يقين ومعرفة بالله (لِما عَلَّمْناهُ) أي لأجل تعليمنا إياه ولذلك قال : وما أغنى عنكم من الله من شيء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن القدر هو الحاكم وأنه لا يغني الحذر إذا قدر شيء فيظنون أن الأمور كلها بيد الإنسان