فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦) وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ
____________________________________
فلا يكون الأمر تحت اختياركم ، كأن يحيط البلاء بهم فلا يتمكنوا من الفرار منه ولا مسلك لهم لإنقاذ بنيامين ، يقال أحاط به البلاء فهو محاط به ، (فَلَمَّا آتَوْهُ) أعطى الأخوة ، لأبيهم (مَوْثِقَهُمْ) عهدهم المؤكد (قالَ) يعقوب تأكيدا (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي شاهد حافظ إن أخلفتم وخنتم انتصف لي منكم.
[٦٨] ولكن الأب الرؤوف خاف على أولاده من العين فقد كانوا جماعة أبطالا حسني المنظر والجمال ، وجميعا أولاد رجل واحد فإذا رآهم الرائي ملؤوا قلبه وعينه ، ولذا وصاهم بالتفرق عند دخول المدينة (وَقالَ يا بَنِيَ) أصله بنوني وهو جمع ابن مضافا إلى ياء المتكلم ، لكن نون الجمع حذف بالإضافة ـ على القاعدة ـ والواو أدغم في ياء المتكلم. كما نقلت ضمة النون إلى الباء (لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ) حتى تصيبكم العين (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) فقد كانت المدن ـ سابقا ـ ذات أسوار وأبواب ، (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) أي ما أدفع من قضاء الله من شيء إن كان قد قضى عليكم الإصابة بالعين ، يقال : أغنى عنه ، إذا دفع عنه ، وأصله الكفاية ، كأن الشخص يكفيه عن أمر يدهمه ، وقد قال ذلك يعقوب على وجه التسليم له سبحانه منبها أن أمري إنما كان لأجل الطوارئ ، أما إذا كان شيء حتما فلا دافع له (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ليس الحكم في الأمور ـ التي منها إصابتكم بالعين أو عدم إصابتكم ـ إلا لله سبحانه (عَلَيْهِ