فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)
____________________________________
(فَاصْدَعْ) يا رسول الله والصدع هو الإظهار والإعلان ، وأصل الصدع هو كسر الزجاجة بصوت وكان الرسول يجهر بتفريق الناس الذين على لون واحد فمنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن ، كما أن الزجاجة إذا كسرت تصير قطعتين (بِما تُؤْمَرُ) من الإنذار والتبليغ (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فلا تهتم لهم ولا تبال بشأنهم ، فإن الإنسان إذا اهتم بشأن المناوئين والحاسدين لا يتمكن من تقديم مشروعه إلى الأمام.
[٩٦] (إِنَّا كَفَيْناكَ) يا رسول الله (الْمُسْتَهْزِئِينَ) الذين يستهزئون بك ، ورد أن خمسة من الكفار كانوا يستهزئون بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومروا ذات يوم به مهددين قائلين : يا محمد إنا ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك فدخل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منزله مغموما فنزل جبرئيل وبشره بأن الله قد كفاه شرهم ، وكفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شرهم في ذلك اليوم ، وقد كان أولئك وليد وعاص وأسود بن عبد يغوت وأسود بن المطلب والحرث. أما الوليد فمرّ بنبل فأصابه شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ، وأما العاص فقد خرج في حاجة له إلى موضع فهدّ تحته الحجر فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ، وأما ابن عبد يغوث فنطح رأسه بشجرة فمات من أثر الصدمة وهو يقول : قتلني رب محمد ، وأما ابن المطلب فخرج عن مكة وإذا به لا يبصر شيئا قد أعمى بصره وأثكله الله بولده وبقي أعمى ثاكلا حتى مات ، وأما الحرث فضربته السموم حتى غيرت