أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩) فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ
____________________________________
إعاذة ، وهذه كلمة يقولها من يريد بيان أنه لا يفعل شيئا قبيحا ، كأنه يستجير بالله أن يحفظه من ذلك العمل ـ وإن كان معناها أعم لغة ـ (أَنْ نَأْخُذَ) أحدا منكم (إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا) أي الصواع (عِنْدَهُ) وهو بنيامين ، وكيف نأخذ إنسانا بريئا ، ومن المعلوم أن بنيامين كان راضيا ببقائه ، حيث يعرف الحقيقة ، أما أخ آخر فلم يكن راضيا فكان إبقائه جبرا ـ ولو كان راضيا حسب الظاهر ـ غير جائز وقد قالوا : أن المناط يدور على الواقع لا على العلم ، فلو أعطى عمرو زيدا شيئا بظن أنه خالد ، ولم يك راضيا إعطائه زيدا ، وعرف زيد ذلك لم يجز له أخذه (إِنَّا إِذاً) أي وقت أخذنا غير بنيامين (لَظالِمُونَ) إذ ظلمنا شخصا بدون رضاه الواقعي.
[٨١] (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) استيأس بمعنى يئس ، أي يئس أخوة يوسف من الملك أن يجيبهم إلى ما سألوه من أخذ أحدهم مكان بنيامين (خَلَصُوا نَجِيًّا) أي تنحوا عن الناس في معزل لئلا يسمع الناس بمشورتهم ، وأخذ بعضهم يتناجى مع الآخر في وجوه الرأي كيف يصنعون ، والنجي مما يتساوى فيه المفرد والجمع ، قال سبحانه (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) (١) وذلك لأنه مصدر ، فهو نحو جنب ، تقول زيد جنب ، والقوم جنب ، والمناجاة : المسارة والاختفاء في الكلام ، وقد تقدم حديث يدل على أن هذه الجملة من الفصاحة والبلاغة بمكان (قالَ كَبِيرُهُمْ) أي كبير الأخوة وهو يهودا كما عن الإمام الصادق
__________________
(١) مريم : ٥٣.