فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً
____________________________________
الحكيم ، وما أكثرها ثم أنه لم يثبت أن يعقوب عليهالسلام عمى من جهة ابنه وبكائه ، وليس في قوله سبحانه «ارتد بصيرا» شاهد لذلك فإن هذا التعبير كثيرا ما يؤتى به لإفادة جلاء البصر وذهاب الحزن ـ فلا منافاة لذلك ، مع قاعدة وجوب كون الأنبياء تامي الخلقة ، والكلام في المقام طويل نكتفي منه بهذا القدر ، روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه سئل ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ، قال : حزن سبعين ثكلى بأولادها (١) (فَهُوَ كَظِيمٌ) أي مليء بالغيظ على الأولاد والحزن على ولده ، ولكنه كان لا يظهر غيظه ، ولا يشكو حزنه لأحد.
[٨٦] وأين للأخوة قلب يعقوب حتى يدركوا ما يدركه من الهم والحزن ، بل انهم رأوا أنفسهم في سعة حيث تخلصوا من يوسف ولذا كان يزعجهم بكاء الأب ، وإذا رأوا منه ذلك من جديد (قالُوا) لأبيهم يعقوب (تَاللهِ) لا (تَفْتَؤُا) أي لا تزال (تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي ما هذا الذكر الدائم له؟ فهو استفهام استنكاري ، وإنما حذف حرف النفي ، وهو «لا» من «تفتؤ» لعدم الالتباس بالإثبات ، فإن القسم إذا لم يكن معه علامة الإثبات ، كان على النفي ، كما أنه إذا كان مع النفي كان للإثبات ، قال سبحانه : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) و (لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٣) إلى غير ذلك ، ولكن إنما ذلك حيث الأمن من اللبس ، (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) مريضا من الهم مشرفا على الهلاك ، يقال رجل حرض وحارض ، أي
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٤٢.
(٢) البلد : ٢.
(٣) القيامة : ٣.