جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ
____________________________________
(جَمِيعاً) فقد علم يعقوب أن يوسف لم يأكله الذئب وإنه حي مرزوق من طريق الوحي (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بعباده ، وما يعملون (الْحَكِيمُ) في تدبيره ، فهو إنما فعل ذلك بي لحكمته ومصلحته.
[٨٥] (وَ) حينذاك (تَوَلَّى) أي أعرض يعقوب (عَنْهُمْ) فإن الإنسان إذا علم أن من حوله لا يشاركونه المصاب يتنحى عنهم ناحية ليعيش منفردا بحزنه ولوعته (وَقالَ) يعقوب (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) الأسف هو الحزن أي يا طول حزني على يوسف و «يا» حرف نداء حذف مناداه ، أي «يا قوم» أو المراد «يا أسف احضر فهذا وقتك» كما قالوا في «يا عجبا» ونحوه ، وألف أسفي بدل من ياء المتكلم ، ويجوز ذلك في المنادي المضاف إلى ياء المتكلم ، كما قال ابن مالك :
واجعل منادى صحّ إن يضف ليا |
|
كعبد عبدي عبدا عبديا |
وإنما ذكر «يوسف» لأنه هو الذي غاب عنه خبره ، أما الولدان الآخران فقد علم بمكانهما ، والإنسان لا يأسف لمن غاب وعلم بمكانه ، كما يأسف لمن لا يدري محله ، وأين هو ، وكيف يعيش (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ) أي وقد كان عليهالسلام «ابيض» سواد عينيه (مِنَ الْحُزْنِ) والبكاء على يوسف ، نسب الابيضاض إلى الحزن ، مع أنه من البكاء ، من باب نسبة الشيء إلى سببه ، قالوا وقد ثبت في الطب الحديث ، أن نفس بعض الطبقات في العين تبيض ، لا أن ماء ينزل ، كما ظن بعض الأطباء القدامى ، فإن كان الأمر كما ذكروا ، فذاك من خوارق القرآن