فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (٨٧)
____________________________________
الأرض هنا وهناك (فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) بنيامين ، والتحسس هو طلب الشيء بالحواس ، مقابل التنبؤ الذي هو طلب الشيء بالظن والخبر ، وإنما لم يذكر «يهودا» لأنه كان في مصر بإرادة نفسه ، فلم يكن غيابه مهما ، أما يوسف فقد احتاج أمره إلى التحسس ، لأن يجده الأولاد ، وبنيامين كان أمره محتاجا إلى التحسس ليرى هل يمكن إطلاق سراحه عند الملك أم لا؟.
روى عن الإمام الصادق عليهالسلام أن أعرابيا اشترى من يوسف طعاما ، فقال له : إذا مررت بوادي كذا ، فناد يا يعقوب ، فإنه يخرج إليك شيخ ، فقل له : إني رأيت رجلا بمصر يقرؤك السّلام ، ويقول : إن وديعتك عند الله محفوظة ، لن تضيع ، فلما بلّغه الأعرابي ، خرّ يعقوب مغشيا عليه ، إلى آخر الحديث ، فقد علم يعقوب من الشواهد والأدلة ، أن يوسف حي مرزوق ، ولذا أمر أولاده بطلبه ، وفي المجمع ، قيل أنهم لما أخبروه بسيرة الملك ، قال لعله يوسف ، فلذلك قال يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ، أي استخبروا من شأنهما ، واطلبوا خبرهما ، وانظروا أن ملك مصر ما اسمه وعلى أي دين هو؟ فإنه ألقي في روعي ، أن الذي حبس بنيامين هو يوسف (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) أي لا تقنطوا من رحمته ، ولعل الإتيان بلفظ الروح ، لأجل أن المهموم المكظوم المحتبس النفس ، يحتاج إلى روح ونسيم ليروح عنه ويخفف وطي الأنفاس المحترقة الموجبة لخنقه ، واحتباس نفسه (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ) ورحمته (إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) بالله ، وبفضله ، أما المؤمن فإنه يرجو من الله الفرج من الشدة والخلاص من الكربة.