فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)
____________________________________
[٨٩] ولمرة ثالثة تجهز الأخوة للرحيل إلى ملك مصر لتحصيل الطعام ، وفي هذه المرة كانوا في شدة ، فقد أضرت بهم المجاعة ، وبضاعتهم التي جاءوا بها ثمنا للطعام رديئة ، وقد أخذ منهم كلام الأب الشيخ الكسير «تحسسوا من يوسف وأخيه» مأخذا عظيما ، وساروا حتى وصلوا أرض مصر (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على الملك (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) أي أصابنا ومن يختص بنا الجوع والحاجة والضرر من شدة القحط والمجاعة (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) وقد كانت بضاعتهم مقلا رديئا ـ كما هو العادة في أيام القحط أن النباتات تردأ لقلة المطر ـ وقد كانت أراضيهم تنبت المقل وهو قسم من صمغ الشجر و «مزجاة» اسم مفعول للمؤنث ، من باب الأفعال على وزن «مكرمة» من أزجى يزجي ، والإزجاء في اللغة السوق والدفع قليلا قليلا ، فالمعنى بضاعة دفعت إلينا قليلة قليلة ، فإن الشجر يعطي هذا الصمغ في أيام الخصب كثيرا وافرا ، وفي أيام الجدب قليلا يسيرا ، أو المراد أن البضاعة دفعت إلينا ، وحصلناها قليلة قليلة ، فلا نتمكن إلا منها ، ولم تدفع البضاعة إلينا كثيرة وافية ، حتى نتمكن من الوافي الكافي ، لنعطيها ثمنا للطعام (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) أي أعطنا الكيل وافيا ـ تفضلا ـ لا أن تعطينا بمقدار بضاعتنا ، قليلا منقوصا (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) من الصدقة ، أي اجعل ما تعطيه صدقة ، لا في مقابل بضاعتنا ، فإنها لا تفي بالكيل الوافي ، أو المراد تصدق علينا ، وتفضل برد أخينا بنيامين (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)