قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قالُوا تَاللهِ
____________________________________
الزمان ، وتغير مظاهر الاخوان ، ونسي أشياء يبقى في خاطره بعض المزايا ، إنهم لم يكونوا ليعرفوا بعد سنوات ، حيث كان في زي الملك ولم يدر في خلدهم أن ذلك الغلام الصغير المهين يصبح ملكا بهذا الشكل الراقي ، ولذا (قالُوا) في استفهام وتعجب (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) هل أنت أيها الملك ذلك الأخ الذي تركناه في أيدي القافلة عبدا بعد سنوات (قالَ) الملك (أَنَا يُوسُفُ) أخوكم (وَهذا) بنيامين (أَخِي) من أبي وأمي ، وإنما قال ذلك مع إنهم كانوا يعرفونه ، تعريفا لنفسه وتأكيدا لنفسه ، أنه هو هو ، كما إذا سألك سائل ، هل أنت ذهبت إلى مكة ، تقول أنا ذهبت وأنت ذهبت في السنة التي ذهبت ، أو لعله ، إنما ذكره ليفخم من شأنه ، وإنه أصبح أخا للملك بعد ما كان مهينا لديكم (قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بالسلامة والكرامة (إِنَّهُ) الضمير للشأن (مَنْ يَتَّقِ) الله فيمتثل أوامره ويجتنب عن نواهيه (وَيَصْبِرْ) على البلية والطاعة ، بأن لا يظهر الجزع من المصيبة ولا يتكاسل عن الطاعة (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) بل يتفضل عليهم بالأجر ، وقد صبرت واتقيت فجزاني الله ذلك.
[٩٢] وهنا تملأ نفوس الإخوة مكانة يوسف ، التي لم يكونوا يقصدونها ، كما تتجلى في نفوسهم الخطيئة التي اقترفوها بالنسبة إليه ، فيتقدموا إليه ، مهنئين معتذرين (قالُوا تَاللهِ) التاء للقسم ، ولها لطف ليس للواو ، وكثيرا ما تأتي في مقام الاستغراب ، أو فيما كان هناك نكتة أو