أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)
____________________________________
الغشاء (أَنْ يَفْقَهُوهُ) أي كراهة أن يفهموا القرآن ، بعد ما أعرضوا عن الحق (وَفِي آذانِهِمْ) جعلنا (وَقْراً) أي ثقلا ، تشبيه بالذي في أذنه صمم ، حيث لا يسمع أصلا (وَإِنْ تَدْعُهُمْ) يا رسول الله (إِلَى الْهُدى) لأن يهتدوا ويسلكوا السبيل الصحيح (فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً) أي حين تمادوا في الغي حتى جعل على قلوبهم أكنة ، وفي آذانهم وقرا (أَبَداً) وعدم اهتدائهم ليس بالجبر ، وإنما بالاختيار ، أي إنهم ما داموا كذلك لا يهتدون.
[٥٩] (وَرَبُّكَ) يا رسول الله (الْغَفُورُ) الذي يستر على عباده كثيرا ، وإن استحقوا الفضيحة (ذُو الرَّحْمَةِ) يرحمهم ويتفضل عليهم ، وإن أثموا وحادوا ، ولذا لا يعجّل لهؤلاء بالعذاب ، وإن علم أنهم لن يهتدوا أبدا (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ) الله (بِما كَسَبُوا) من الكفر والآثام ، أي لو أراد أخذهم ـ فإن الفعل يستعمل بمعنى الإرادة ـ (لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) في الدنيا ، وأهلكهم كما أهلك القرون السابقة ، لما انقطع عنهم الرجاء (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) لأخذهم ، والانتقام منهم (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ) أي دون ذلك الموعد (مَوْئِلاً) أي محل التجاء وفرار ، فهو الموعد الذي لا بد أن يصلوا إليه ، ولا يكون دونه محل آخر يفرون من الموعد إلى ذلك المحل ، وهذا من باب التشبيه ، ومجمل المعنى ، أن الله من